للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [فإذا قالوها] أي هذه الكلمة (١)، والمراد بها هي بما يلزمها من الإقرار بفرضية الفرائض الفعلية وإن لم يصح بذلك في الرواية، فمن الظاهر أن الإقرار بالرسالة داخل فيه قطعًا مع أنه غير مذكور ها هنا فترك ما سوى


(١) قال القاري: أكثر الشراح على أن المراد بالناس عبدة الأوثان دون أهل الكتاب لأنهم يقولون لا إله إلا الله ولا يرفع عنهم السيف إلا بالإقرار بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم أو إعطاء الجزية، ويؤيده رواية النسائي: أمرت أن أقاتل المشركين، وقال العيني: هذا الحديث في حال قتاله لأهل الأوثان الذين قال الله تعالى فيهم {إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} فدعاهم إلى الوحدانية وخلع الأوثان، وأما الآخرون المنكرون النبوة فقال فيهم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ويشهدوا أن محمدًا رسول الله، فإسلام هؤلاء الإقرار بما كانوا به جاحدين، وعلى هذا تحمل الأحاديث، انتهى. وقال الطيبي: المراد العم لكن خص أهل الكتاب بالآية، قيل: وهو الأولى لأن الأمر بالقتال نزل بالمدينة مع كل من يخالف الإسلام، والتحقيق أن يقال: الشهادة إشارة إلى تخلية لوح القلب عن الرك الجلي والخفي وسائر النقوش الفاسدة الردية ثم تحليته بالمعارف اليقينية، والحكم الإلهية، والاعتقادات الحقية، وأحوال المعاد وما يتعلق بالأمور الغيبية، والأحوال الأخروية، لأن من أثبت ذات الله تعالى بجميع أسمائه وصفاته التي دل عليها اسم الله ونفى غيره، وصدق رسالة النبي صلى الله عليه وسلم بنعت الصدق والأمانة. فقد وفى بعهدة عهده وبذل نهاية جهده في بداية جهده، وآمن بجميع ما وجب من الكتب والرسل والمعاد، ولذا لم يتعرض لإعداد سائر الأعداد، ملخص من القاري. ويشكل على الحديث ترك الجزية، وحاصل ما أجاب عنه العيني أن المراد بمجموع ما ورد إعلاء كلمة الله وهو يحصل بذلك في بعضهم وفي بعضهم بالجزية، وفي بعضهم بالمهادنة، مع احتمال أن حكم الجزية ورد بعد ذلك بل هو الظاهر، وأيضًا المراد من وضع الجزية أن يضطروا إلى الإسلام وسبب السبب سبب فيكون التقدير حتى يسلموا أو يعطوا الجزية، ولكنه اكتفى بما هو المقصود الأصلي، أو نقول: إن المقصود القتال أو ما يقوم مقامه، أو المقصود الإسلام منهم أو ما يقوم مقامه في دفع القتال، وهو إعطاء الجزية، وكل هذه التأويلات لأجل ما ثبت بالإجماع سقوط القتال بالجزية، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>