للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلب كما ستقف عليها ومذهب الحنفية فيه مثل مذهبهم في سائر النجاسات المغلظة من غير تفاوت (١) إلا أن الأنصار لما لم يكن فيهم مبالاة بأمر الكلاب لكثرة ملابستهم بأهل الكتاب وكانوا يتساهلون في التحامي عنها غلظ فيها في أول الأمر ويرشدك إليه الأمر بقتلها ثم لما تمكنت نجاستها في نفوسهم ورسخت المنافرة عن مخالطتها عاد أمر نجاستها إلى ما هو أمر سائر النجاسات وعلى هذا فلا تنافي ما بين تلك الروايات فإن لكل من روايات الغسل سبعًا أو ثمانيًا محملاً (٢) صحيحًا لا يخالف روايات الغسل ثلاثًا، وكذلك كل رواية في ذلك فهي واردة على حسب ما ناسب هذا المقام من التغليظ هذا عندنا، وأما مالك (٣) رحمه الله فقد يرد عليه في تلك


(١) جمعًا بين الروايات كما سيأتي ولأن أبا هريرة الراوي روايات التسبيع أفي بالثلاث والآثار عنه في ذلك صحيحة عديدة ذكرها النيموي على أن روايات التسبيع يحتمل الندب وبعض الحنفية صرحوا بندبيه التسبيع ولا إشكال إذ ذاك في اختلاف الروايات ولا اضطراب.
(٢) وإلا فاضطربت الروايات جدًا لما فيها من الأمر بالتسبيع والتثمين وغيرهما وتعفير الثامنة والسابعة وأولاهن وأخراهن وإحداهن، وقال ابن العربي: ضعف مالك غسل الإناء من ولوغه فقيل لأن القرآن عارضه قال الله تعالى {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} ولم يأمر بغسل ما أصاب من لعابه من الصيد وهذا بين جدًا وقيل ضعفه لأن وجوب الغسل لا يظهر فيه لعدم سبب الوجوب لما أذن في اتخاذه فعارضه حديث الهرة أيضًا ويحتمل ضعفه لأجل اختلاف الروايات فيه ويحتمل ضعفه لأنه لا يتحقق أن غسله للنجاسة أو العبادة وغير ذلك.
(٣) قال ابن قدامة قال مالك والأوزاعي وداؤد: سور الكلب والخنزير طاهر يتوضأ به ويشرب وإن ولغا في طعام لم يحرم أكله، وقال الزهري: يتوضأ به إذا لم يجد غيره، وقال عبدة بن أبي لبابة والثوري وابن الماجشون وابن مسلمة يتوضأ به ويتيمم.

<<  <  ج: ص:  >  >>