للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكلفوا (١) في توجيهه مع أنه مستغني عنه، فالمراد أن فرق ما بين الكفر والإيمان ترك الصلاة، فمن ترك الصلاة دخل في الكفر، ومن لم يتركها كان مؤمنًا.

قوله [تركه كفر غير الصلاة] أي مستحلاً أو كالكفر (٢).

قوله [من رضى بالله ربًا إلخ] أي وجد بهذه الثلاثة غنية ورغبة عن جميع ما سواها، ففي الرضى المذكور هاهنا شدة (٣) نسبة إلى الرضى المستعمل في لغتنا.

قوله [في هذا خروج عن الإيمان إلى الإسلام] يعني أن مقتضى الإيمان الذي هو العقد القلبي إنما كان أن لا يرتكب ذلك، فإن من علم أن النار محرقة لا يمسها، فعلم بارتكابه الكبيرة نقص في اعتقاده، وقصور في كمال إيمانه، لكنه مع ذلك مقر بما يجب الإقرار به من التوحيد والإيمان بالكتب والرسل إلى غير ذلك فكان مسلمًا. قوله [فستره الله عليه وعفا عنه] فيه ترك شق (٤) بناء على ظاهر


(١) إذ جعلوا متعلق بين محذوفًا كما في الحاشية عن ابن الملك إذ قال: تقديره تركها وصلة بينه وبينه، وقال الطيبي: ترك الصلاة مبتدأ والظرف المقدم خبره، ومتعلقه محذوف قدم ليفيد الاختصاص، والظاهر أن فعل الصلاة هو الحاجز بين العبد والكفر، وحاصل ما أفاد الشيخ أن ترك الصلاة من علامات الكفر، كما أن فعلها من علامات الإيمان، فهو الفارق بين آثارهما.
(٢) أي في شدة القبح، أو علامة الكفر كما تقدم، أو نوع من أنواع الكفر، فإن الكفر والإيمان كليان مشككان كما تقدم في محله.
(٣) يعني أن مراتب الرضا تكون متفاوتة جدًا، وأكثر ما يستعمل عندنا بمقابل السخط بمعنى لا يسخط عنه ولا يكرهه، وليس هو مراد الحديث، بل المراد فيه أعلى درجاته المثمر لحب الشيء وإعجابه ليترتب عليه ذوق طعم الإيمان، فلله در الشيخ ما أدق وألطف ما قاله.
(٤) حاصله أن الشقوق هاهنا أربعة: الشقان في إقامة الحد التوبة وعدمها، والمذكور هاهنا هو الأول، لأن الظاهر من حاله أنه يتوب بعد الحد لا محالة لأن مقتضى الإيمان أن يتوب بدون التنبيه، فكيف يمثل هذا التنبيه والزجر الذي هو الحد، فعدم إيرائه التوبة مستبعد جدًا فلذا اكتفى بذكره ولم يذكر الشق الثاني وهو عدم التوبة لاستبعاده، وكذلك في حالة الستر شقان: التوبة وعدمها، والمذكور ها هنا هو الأول كما يدل عليه لفظ عنى عنه، ولم يذكر الشق الثاني لظهوره بالتأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>