للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه لم يكن سبأ، إنما هي كلمة يشفي بها الحقود صدره، ولا يضر المؤمن (١) سيما النبي صلى الله عليه وسلم فأنى يؤثر دعاؤهم عليه صلى الله عليه وسلم، ومن هاهنا يعلم أن الرفق في أمثال هذه المواضع أي حيث سمع سب النبي صلى الله عليه وسلم أو غير ذلك لا يجوز، ألا ترى ما اعتذرت به عائشة رضي الله تعالى عنها حيث قالت: أو لم تسمع ما قالوا؟ فكانت تعلم أن الرفق لا يجوز هناك، ولو علم النبي صلى الله عليه وسلم لما منعني عن سبهم وشتمهم، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالرفق لما أنه لم تكن سبًا (٢)، لا لأن السب وسوء الأدب


(١) كما يدل عليه ما في المشكاة من رواية البخاري قالت: أو لم تسمع ما قالوا؟ قال: أو لم تسمعني ما قلت؟ رددت عليهم فيستجاب لي فيهم، ولا يستجاب لهم في.
(٢) أي صريًحا، كما تقدم في كلام القاضي عياض، أو يقال: كان من باب المداراة وتأليف القلب، كما تقدم مبسوطًا، ومسلك الحنفية في مسألة الباب ما في الدر المختار: ويسلم على أهل الذمة لوله حاجة وإلا كره، هو الصحيح، كما كره للمسلم مصافحة الذمي، ولو سلموا على مسلم فلا بأس بالرد لكن لا يزيد على قوله: وعليك، كما في الخانية، ولو سلم على الذمي تبجيلاً يكفر، لأن تبجيل الكفار كفر، قال ابن عابدين: قوله لا يزيد على قوله: وعليك، لأنه قد يقول السام عليكم، أي الموت، كما قال بعض اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له: وعليك، فرد دعاءه عليه، وفي التتار خانية: قال محمد: يقول وعليك، ينوي بذلك السلام لحديث مرفوع أنه صلى الله عليه وسلم قال: إذا سلموا عليكم فردوا عليهم، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>