للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفرغوا، أفيسقط الحد بذلك الإقلاع، فكذا كان هذا، فعلم أنه تقريع وتوبيخ، نعم قد حدثت بألفاظ الحديث شبهة توجب درء القصاص.

قوله [ضع القلم على أذنك] أي إذا (١) فرغت من كتابة وتريد أخرى فضعه موضع الأرض على أذنك لكونه مشتركًا في الاسم (٢) بالقلم الذي كتب كل شيء فإنه يسمعك (٣) مضامين تنتفع بها.


(١) يعني لما كان للقلم اشتراك اسمي بالقلم الذي كتب مقادير كل شيء وللأسماء أثر في المسميات غالبًا كما سيأتي، فكان لكل قلم أثرًا في وسعة المعلومات، والأذن محل للاستماع، فوضع القلم على الأذن مفيد في وسعة المعلومات، وهذا ألطف مما سيأتي من كلام الشراح.
(٢) وطالما يكون للأسماء أثر في المسميات، ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يغير الاسم القبيح، وروى عن سعيد بن المسيب أن جده حزنًا قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما اسمك؟ قال: اسمي حزن، قال: بل أنت سهل، قال: ما أنا بمغير اسمًا سمانيه أبي، قال ابن المسيب: فما زالت فينا الحزونة بعد، انتهى.
(٣) وقال القاري: وقيل السر في ذلك أن القلم أحد اللسانين المترجمين عما في القلب من الكلام وفنون العبارات، فتارة يترجم عنه اللسان اللحمي المعبر عنه بالقول، وتارة يعبر عنه بالقلم وهو المسمى بالكتابة، وكل واحد من اللسانين يسمع ما يريد من القول وفنون الكلام من القلب، ومحل الاستماع الأذن، فاللسان موضوع دائمًا على محل الاستماع والقلم منفصل عنه خارج عن محل الاستماع، فيحتاج في الاستماع إلى القرب من محل الاستماع والدنو إلى طريقه ليسمع من القلب ما يريده من العبارات وفنون الكلام، وحاصله أن القرب الصوري له محل تأثير من المقصود المعنوي، انتهى. ولا يذهب عليك أن لفظ الحديث على النسخ التي بأيدينا: فإنه أذكر للمملى، وفي المشكاة عن الترمذي: فإنه أذكر للمآل، وبسط عليه الكلام القاري فارجع إليه لو شئت.

<<  <  ج: ص:  >  >>