للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرواية على ما ذهبوا إليه ظاهرة وأجاب عنه العامة (١) أن مسحه عليه الصلاة والسلام إنما كان لعذر فلا تشريع فلا يؤخذ به سنة نعم لو فعله أحد لمثل ذلك العذر كان غير مثرب والعذر أن خفه عليه الصلاة والسلام كان بالغًا إلى ركبته فلم يستمسك ركبته الشريفة بنفسها لمنع الخف بثخانته أن تجتمع إليه ساقه فأخذ رجله اليمنى بيده اليسرى ومسح عليه باليمنى ومدها فامتد اليسرى ففهم من رآه ولم يتبين السبب فيه أنه صلى الله عليه وسلم مسحهما تشريعًا مع أن الأمر لم يكن كذلك والله أعلم.

وربما يتوهم أن المسح على الجانبين كليهما إكمال للفرض في محله فلا يمنع بل يكون سنة لما أن السنة إكمال للفرض في محله والجواب أن محل الفرض حين التخفف هو الجانب الأعلى معا لا الجميع فإن الغسل لم يبق مشروعًا ما دام المرء متخففًا وإنما المشروع المفروض المسح لا غير ومحل المسح هو الأعلى نعم لو كان الفرض هو الغسل لكان المسح في أعلاه وأسلفه كما لا للفرض في محله ولا كذلك إذا سقط الغسل وصار المسح مشروعًا ففيما نحن فيه الفرض قد ثلاث أصابع والزيادة عليها إكمال للفرض في محله ولا ينبغي أن يتوهم عاقل أن غسل الساق والركبة يكون إكمالاً للفرض في محله ولا يبعد أن يستنبط من هذا أن مسح الحلقوم بدعة لأن الحلقوم ليس محلاً للفرض حتى يكون المسح عليه إكمالاً له فأفهم.

[معلول (٢)] وهو في عرفهم ما فيه علة خفية لا يكاد يصل إليه إلا الماهر في الفن المنطلع على الأسانيد والروايات ثم أخذ يبينه (٣) بقوله لم يسنده يعني


(١) أي بعد صحة الرواية وإلا فهي ضعيفة جدًا كما سيأتي.
(٢) بسط أهل الأصول أن هذا لحن على طريق أهل اللغة لأنه من علة بالشراب إذا سقاه مرة بعد أخرى، كذا في لقط الدرر، إلا أنهم يستعملونه كثيرًا في محاوراتهم.
(٣) والجملة أن في الحديث خمسة علل بسطها الحافظ في التلخيص والشيخ في البذل، الأولى أن كاتب المغيرة أرسله ونبه عليه المصنف أيضًا، والثانية أن رجاء لم يسمعه عن كاتب المغيرة كما نبه عليه الشيخ برواية البخاري، والثالث أن ثورًا لم يسمعه من رجاء، والرابع أن كاتب المغيرة مجهول، والخامس أن الوليد مدلس لكن رواية الترمذي تأبى هذا الخامس إذ فيها رواية الوليد بالإخبار وكذلك يمكن الجواب عن بعض العلل المذكورة إلا أن بعضها عقيمة عن الجواب كما يظهر من ملاحظة البذل والتلخيص.

<<  <  ج: ص:  >  >>