المزكوم فالتشميت الأول واجب، والثاني مستحب، والثالث قريب من ذلك، ثم بعد ذلك مباح، وبما ذكرنا ترتفع المعارضة بين الروايات (١).
(١) فإن الروايات في ذلك مختلفة جدًا كما بسطها الحافظ، ثم قال: حكى النووي عن ابن العربي أن العلماء اختلفوا هل يقول لمن تتابع عطاسه: أنت مزكوم في الثانية أو الثالثة أو الرابعة على أقوال، والصحيح في الثالثة، قال: ومعناه أنك لست ممن يشمت بدها لأن الذي بك مرض، وليس من العطاس المحمود الناشئ عن خفة البدن، فإن قيل: إذا كان مريضًا فينبغي أن يشمت بطريق الأولى لأنه أحوج إلى الدعاء من غيره، قلنا: نعم لكن يدعي له بدعاء يلائمه لا بالدعاء المشروع للعاطس، بل من جنس دعاء المسلم للمسلم بالعافية، وذكر ابن دقيق العيد عن بعض الشافعية أنه يكرر التشميت إذا تكرر العطاس إلا أن يعرف أنه مزكوم فيدعو له بالشفاء، وتقريره أن العموم يقتضي التكرار إلا في موضع العلة وهو الزكام، وعند هذا يسقط الأمر بالتشميت عند العلم بالزكام لأن التعليل به يقتضي أن لا يشمت من علم أن به زكامًا أصلاً، وتعقب بأن المذكور هو العلة دون التعليل، انتهى. قلت: وما أفاده الشيخ من مراتب التشميت لم أجده في عامة كتب الحنفية بل ظاهرها تسوية الثلاث، ففي فتاوى قاضي خان: ينبغي لمن كان بحضرة العاطس أن يشمت العاطس إذا تكرر عطاسه في مجلس إلى ثلاث مرات، فإن عطس أكثر من ثلاث فالعاطس يحمد الله في كل مرة، ومن كل بحضرته إن شمته في كل مرة فحسن، وإن لم يشمته بعد الثلاث فحسن أيضًا، انتهى. نعم ذكر الطحطاوي على المراقي من شرح الموطأ للقاري أنه يحب تشميت العاطس مرة واحدة، وما زاد فمندوب، ولو لم يشمت أولاً كفاه واحدة كسجدة التلاوة، انتهى.