للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أورد له دليلاً في هذا الباب، وهو أمره لحسان رضي الله عنه واهتمامه به حتى وضع له المنبر، ثم الانشاد كما يطلق على رفع الصوت بالشعر كذلك هو موضوع لتأليف الشعر إلا أن جواز الثاني منه يستلزم جواز الأول، فلذلك اكتفى في الاستدلال على جواز الإنشاد بأحدهما.

قوله [يضع لحسان منبرًا] وذلك لما أن هذه الهيئة كانت أنكأ في العدو.

قوله [في المسجد] فيه إشارة إلى أن الكراهة في الشعر لما كانت لعارض وأما نفسه فمباح كما أن العارض قد يوجبه (١) استوى فيه المسجد وغيره.

قوله [يفاخر عن إلخ] يتضمن معنى الدفع في المفاخرة (٢). قوله [إن الله يؤيد حسان بروح القدس] (٣) فإنه نوع من الجهاد فإن:


(١) وسيأتي قريبًا أنه صلى الله عليه وسلم أطلق عليه الجهاد اللساني، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} الآية.
(٢) القدس بضم الدال ويسكن، أي بجبرئيل، سمى به لأنه كان يأتي الأنبياء بما فيه حياة القلوب، فهو كالمبدأ لحياة القلب، كما أن الروح مبدأ حياة الجسد، والقدس صفة للروح، وإنما أضيف إليه لأنه مجبول على الطهارة والنزاهة عن العيوب، وقيل: القدس بمعنى المقدس هو الله عز اسمه فإضافة الروح إليه للتشريف، كذا في المرقاة.
(٣) فقد ترجم البخاري في صحيحه ((باب هجاء المشركين)) قال الحافظ: أشار بهذه الترجمة إلى أن بعض الشعر قد يكون مستحبًا، وقد أخرج أحمد وأبو داؤد والنسائي وصححه ابن حبان من حديث أنس رفعه: جاهدوا المشركين بألسنتكم، وروى عبد الرزاق في مصنفه من طريق محمد بن سيرين قال: هجا رهط من المشركين النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقال المهاجرون: يا رسول الله ألا تأمر عليًا فيهجو هؤلاء القوم، فقال: إن القوم الذين نصروا بأيديهم أحق أن ينصروا بألسنتهم، فقالت الأنصار: أرادنا والله، فأرسلوا إلى حسان فأقبل، فقال: يا رسول الله والذي منك بالحق ما أحب أن لي بمقولي ما بين صنعاء وبصرى، فقال: أنت لها، فقال: لا علم لي بقريش، فقال لأبي بكر: أخبره عنهم، ونقب له في مثالبهم، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>