للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [والدار الإسلام] ولم يقل والدار (١) الإيمان إشارة إلى أن


(١) لله در الشيخ ما أدق نكاته، وعامة الشراح سكتوا عن مثل هذه اللطائف. ثم لا يذهب عليك أن سياق روايات جابر مختلف في كتب الحديث وإليه أشار الترمذي أيضًا بعد ذكر الحديث، فسياق الترمذي كما ترى، وإليه أشار البخاري في صحيحه تعليقًا، وأخرج في صحيحه بسند آخر بغير هذا السياق ولفظه: حدثنا محمد بن عبادة نايزيد ناسليم بن حبان ناسعيد بن ميناء حدثنا أو سمعت جابر بن عبد الله يقول: جاءت ملائكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم، فقال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: إن لصاحبكم مثلاً فاضربوا له مثلاً، فقال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: مثله كمثل رجل بنى دارًا وجعل فيها مأدبة وبعث داعيًا فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار، ولم يأكل من المأدبة، فقالوا: أولوها له بفقها، فقال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: فالدار الجنة والداعي محمد صلى الله عليه وسلم، فمن أطاع محمدًا صلى الله عليه وسلم فقد أطاع الله، ومن عصى محمدًا صلى الله عليه وسلم فقد عصى الله، ومحمد فرق بين الناس، قال الحافظ: قوله فقالوا الدار الجنة أي الممثل بها، زاد في رواية سعيد بن أبي هلال (أي رواية الترمذي) فالله هو الملك، والدار الإسلام، والبيت الجنة، وفي حديث ابن مسعود عند أحمد: أما السيد فهو رب العالمين، وأما البنيان فهو الإسلام، والطعام الجنة، انتهى. قال القارئ: فإن قلت: كيف شبه في الحديث السابق الجنة بالدار، وفي هذا الحديث الإسلام بالدار، وجعل الجنة مأدبة، أجيب بأنه لما كان الإسلام سببًا لدخولها اكتفى في ذلك بالمسبب عن السبب، ولما كانت الدعوة إلى الجنة لا تتم إلا بالدعوة إلى الإسلام وضع كل منهما مقام الآخر، ولما كان نعيم الجنة وبهجتها هو المطلوب الأصلي جعل الجنة نفس المأدبة مبالغة، كذا حققه الطيبي، انتهى. ثم ذكر المصنف أنه مرسل، قال الحافظ: يريد أنه منقطع بين سعيد وجابر، وقد اعتضد هذا المنقطع بحديث ربيعة الجرشي عند الطبراني فإنه بنحو سياقه وسنده جيد، وسعيد بن أبي هلال غير سعيد بن ميناء، وكل منهما مدني، لكن ابن ميناء تابعي بخلاف ابن أبي هلال، والجمع بينهما إما بتعدد المرئي وهو واضح، أو بأنه منام واحد حفظ فيه بعض الرواة ما لم يحفظ غيره، والجمع بين اقتصاره على جبرئيل وميكائيل في حديث، وذكره الملائكة بصيغة الجمع في الجانبين الدالة على الكثرة في حديث آخر، فيحتمل أنه كان مع كل منهما غيره، واقتصر في الرواية على من باشر الكلام منهم ابتداء وجوابًا، ووقع في حديث ابن مسعود عند الترمذي: إذا أنا برجال عليهم ثياب بيض، الحديث: انتهى. قلت: وحديث ربيعة الجرشي الذي أشار إليه الحافظ أخرجه صاحب المشكاة برواية الدارمي بتغير يسير في السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>