للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عينيه تنامان إلخ] بكسر الهمزة ليكون كلامًا مستقلاً على حدة، فإنه ليس بيانًا لما تقدم من قولهم: ما رأينا قط عبدًا أوتى إلخ لأن ذلك ليس مما يختص به صلى الله عليه وسلم بل الأنبياء كلهم كذلك، ولذلك لم يكن نوم الأنبياء بناقض طهارتهم، وكذا تصير الأولياء أيضًا، فإنهم يقفون (١) على ما يتكلم به عندهم، فكان مرادهم أنه مختص بخصائص لم يؤتها أحد قبله ولا بعده، وهو يشارك سائر الأنبياء في أن عينيه تنامان ولا ينام قلبه، ثم ضربوا المثل له ليعلم (٢) لما علموا أنه صلى الله عليه وسلم يسمعه ويفهمه.


(١) أي يطلعون، وقال القارئ: يقضان غير منصرف، وقيل: منصرف، لمجيئ فعلانة منه، يعني فلا يفوته شيء مما تقولون، فإن المدار على المدارك الباطنية دون الحواس الظاهرية، وقال الطيبي: هذه مناظرة جرت بينهم بيانًا وتحقيقًا لما أن النفوس القدسية لا يضعف إدراكها بضعف الحواس أي الحسية لاستراحة القوى البدنية، بل ربما يقوى إدراكها عند ضعفها، كما مشاهد عند أرباب الصوفية (هكذا في الأصل) انتهى. قلت: ومع ذلك فعدم نقض الوضوء بالنوم خصيصة للأنبياء لا يشترك فيهم الأولياء. ولا يذهب عليك ما في حديث ابن مسعود من اختلاف السياق لما تقدم، قال الحافظ: ظاهر حديث سعيد بن أبي هلال أن الرؤيا كانت في بيت النبي صلى الله عليه وسلم لقوله: خرج علينا فقال: إني رأيت في المنام، وفي حديث ابن مسعود أن ذلك كان بعد أن خرج إلى الجن فقرأ عليهم، ثم أغفى عند الصبح، ويجمع بأن الرؤيا كانت على ما وصف ابن مسعود، فلما رجع إلى منزله خرج على أصحابه فقصها، انتهى. قلت: وهذا بعد حمل الروايتين على قصة واحدة ولا مانع عن التعدد.
(٢) يعني ذكروا أول الكلام تمهيدًا واختبارًا لأن النبي صلى الله عليه وسلم هل يسمع أم لا، ثم لما علموا أنه صلى الله عليه وسلم يعلمه ويفهمه ضربوا له المثل ليعلم النبي صلى الله عليه وسلم ما قصدوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>