للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الساتر عليه إنما هو ثواب عمله وأنت تعلم أنه لا يفتقر في تأويل الحديث المذكور في الباب، وكذا ما ورد من أمثاله إلى هذا التكلف، فإن تجلي العظيم كيفما كان في صورة صغيرة (١) أو الغير المحاط بشيء في هيئة محاطة غير بعيد، أو ما ترى حديث (٢) الساق. فإنه قد ورد فيه أن الرب سبحانه وتعالى يتجلى لهم في غير صورته التي علموها فيقولون معاذ الله إلخ، فلما ثبت تجليه سبحانه، وهو أعظم من كل عظيم فأنى يستبعد مجيء القرآن وهو كلامه، وتجليه على القاري في هيئة محوزة مع أن المتاوليس هو كلام الله القديم المعبر بالكلام النفسي، بل الألفاظ


(١) وهو أحد الاحتمالين المذكورين في كلام القاري إذ قال: أو هما يتصوران ويتجسدان ويتشكلان، انتهى. وهكذا في (نفع القوت) عن الطيبي إذ قال: أو يصور صورة ترى يوم القيامة كما تصور كل أعمال العباد خيرًا وشرًا فتوزن فليقبل المؤمن أمثال هذا، ويعتقده بإيمانه كما أراده تعالى إذ لا سبيل للعقل في مثله، انتهى.
(٢) وهو حديث طويل مشهور في الحشر ذكره في (جمع الفوائد) بطوله برواية الشيخين وغيرهما عن أبي سعيد، وفيه بعد ذكر تساقط اليهود والنصارى في النار: حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر أتاهم الله في أدنى صورة من التي رأوه فيها، قال فيما تنظرون تتبع كل أمة ما كانت تعبد، قالوا: يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم تصاحبهم فيقول أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئًا مرتين أو ثلاثًا، فيقول: هل بينكم وينه آية فتعرفونه بها، فيقولون: نعم، فيكشف عن ساق، الحديث. وفي رواية للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه مختصرًا بلفظ: يأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>