للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض الروايات كلمة ((وغابت الحشفة)) وعلى كل تقدير فالسبب فيه إقامة الداعي مقام المدعو والسبب مقام المسبب فالتقاء الختانين لما كان في غالب أمرهم يتسبب إلى خروج المني وهو نفسه يتغيب عن البصر. والزمان زمان التلذاذ واضطراب، فلعله لا يحس بخروجه لذهوله عن مثل هذه الأمور في أمثال تلك الحالات أقيم هذا مقام ذاك تيسيرًا على (١) العباد واحتياطًا في العبادات، وربما يتوهم أن الرواية التي اكتفى فيها بلفظ الالتقاء تخالف ما ورد فيها لفظ المجاوزة فإن الأولى منهما توجب الغسل حيث لا توجبه الثانية، وذلك لأن الالتقاء لا يتوقف على المجاوزة والمجاوزة لا تتصور بدونه، ولعل الجواب أن رواية المجاوزة لا تدافع رواية الالتقاء بل هي ساكتة عن وجوب الغسل بنفس الالتقاء، ورواية الالتقاء تؤكد رواية المجاوزة إذ هي لا تتحقق دونه ولما لم تكن مدافعة بين الأسباب لم تحمل على المقيد بالمجاوزة فكان وجوب الغسل بالمجاوزة ثابتًا بالروايتين معًا والوجوب بالالتقاء ثابتًا بإحداهما، فلا خلاف بين مفهوميتها ولا شقاق والروايتان توجبان الغسل بالمجاوزة على الاتفاق، ومما ينبغي أن يعلم أن دخول الحشفة لازم على التقديرين لما قدمنا أن قطع موضع الختان يبرز الحشفة فالتقاء الختانين لا يتصور (٢) من دون دخولها، وبذلك يعلم أن الغسل لا يجب بإدخال


(١) وكانت المسألة خلافية بين الصحابة حتى تحتم عمر رضي الله عنه بعد مشاورة الصحابة وسؤال الأزواج المطهرات إيجاب الغسل بمجاوزة الختان الختان، وقال: لا أوتي بأحد فعله ولم يغتسل إلا أنهكته، فأنعقد الإجماع بعد ذلك، وما خالف فيه إلا داؤد ولم يلتفتوا إلى خلافه كذا في الأوجز، واختلفوا في مسلك البخاري إلى أي المذهبين مال فقيل وقيل ومحله تقرير البخاري، وكذلك ما حكى فيه الحافظ من خلاف بعض التابعين لم يعبأوا به ولذا حكى فيه الإجماع جمع من الشراح.
(٢) أي عادة فلو وضع أحد ختانه على خفاضها بحيث تلاقي ولم يولجه فيها فلا غسل إجماعًا صرح بذلك جمع من الشراح.

<<  <  ج: ص:  >  >>