للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم لشدة تأثره بالملك وتعطل حواسه عن عالمنا. هذا.

قوله [وأوسطها] يفسره ما بعده. قوله [عن هذه الآية] معنى قول عائشة رضي الله عنها يؤتون ما أتوا من السيئات وقلوبهم وجلة لذلك، أو يؤتون (١) ما أتوا من الحسنات وقلوبهم وجلة لمعاصيهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا بل المراد بذلك الذين لا يفعلون السيئات ومع ذلك قلوبهم وجلة، وإن كان الحكم في الذين ذكروا في كلام عائشة رضي الله عنها كذلك إلا أنهم ليسوا بمرادين في الآية، لأن الله تبارك وتعالى ذكرهم هاهنا على سبيل المدح، والأولون لم يستحقوا محمدة، غايتهم أنهم مؤمنون راجون دخول الجنة وليست تصدق عليهم الآية اللاحقة «أولئك يسارعون في الخيرات» الآية.

قوله [وهم يخافون أن لا تقبل إلخ] ولا دلالة في ذلك على عدم صحة الطاعة في نفسها فلا نقض بذلك على ما هو المذهب من أن المكلف إذا أتى بشتى من الطاعات جامعاً شرائطه كما أمر ورافعاً موانعه التي عنها زجر، فلنا أن نحكم بصحته، وخالفه (٢) الآخرون ولا دلالة لهم على مذهبهم بالرواية الواردة هاهنا


(١) والفرق بين هذا وبين ما سبق أن المراد بما الموصولة في المعنى الأول السيئات وفي المعنى الثاني الحسنات، إلا أن الخوف في كلا المعنيين هو عن المعاصي بخلاف المعن الثالث المستفاد من مشكاة النبوة، فالمراد فيه وأيضًا الحسنات لكن الخوف فيه من عدم القبول.
(٢) وتوضيح ذلك كما في نور الأنوار: اختلفوا في أنه إذا أدى المأمور به مع رعاية الشرائط والأركان فهل يجوز لنا أن نحكم بمجرد إتيانه بالجواز؟ أو نتوقف فيه حتى يظهر دليل خارجي يدل على طهارة الماء وسائر الشرائط؟ فقال بعض المتكلمين: لا نحكم به حتى نبل من خارج أنه مستجمع الشرائط والأركان، ألا ترى أن من أفسد حجه بالجماع قبل الوقوف فهو مأمور بالأداء شرعاً بالمضي على أفعاله مع أنه لا يجوز المؤدي إذا أداه فيقضى من قابل، والمذهب الصحيح عندنا أنه تثبت بمجرد إيجاد الفعل صفة الجواز للمأمور به، وهو حصول الامتثال على ما كلف به وإلا يلزم تكليف ما لا يطاق، ثم إذا ظهر الفساد بدليل مستقل بعده يعيده، وأما الحج فقد أداه بهذا الإحرام وفرغ عنه، والأمر بحج صحيح في العام القابل بأمر مبتدأ، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>