قوله [وقام رجل من الخزرج] وهو سعد بن عبادة، وإنما، حمله (١) على ذلك ما ظن أن سعد بن معاذ إنما قال ذلك لكونه من الأوس، وكان ابن أبي من الخزرج، وكذلك حسان بن ثابت كان ابن أخت الخزرج، فظن سعد عبادة أن سعد بن معاذ بقول ذلك لما في الأوس والخزرج من المعاداة القديمة، ولم يلتفت أنه إنما يقول: لأجل النبي صلى الله عليه وسلم.
(١) وبذلك جزم الحافظ في الفتح إذ قال: وقد بينت الروايات الأخرى السبب الحامل لسعد بن عبادة على ما قال، في رواية ابن إسحاق: فقال سعد بن عبادة: ما قلت هذه المقالة إلا أنك علمت أنهم من الخزرج، وفي رواية ابن حاطب: فقال سعد بن عبادة: يا ابن معاذ والله ما بك نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنها قد كانت بيننا ضغائن في الجاهلية وأحن لم تحلل لنا من صدوركم، قال ابن معاذ: الله اعلم ما أردت، إلى آخر ما ذكره الحافظ. ولا يذهب عليك ما ذكر عياض أن في ذكر سعد بن معاذ في هذا الحديث إشكالاً لم يتكلم الناس عليه، ونبهنا عليه بعض شيوخنا أن الإفك كان في المريسيع سنة ست، وسعد بن معاذ مات من الرمية التي رميها بالخندق، فدعا الله فأبقاه حتى حكم في بني قريظة، ثم انفجر جرحه فمات منها، وكان ذلك سنة أربع، فلا يصح ذكر سعد بن معاذ في هذه القصة، والأشبه أنه غيره، ولذا لم يذكره ابن إسحاق في رواته وجمل المراجعة بين أسيد بن حضير وبين سعد بن عبادة، وقال لي بعض شيوخنا: يصح أن يكون سعد موجوداً في المريسيع بناء على الاختلاف في تلونح غزوة المريسيع، ثم بسط الحافظ في الجواب مبناه اختلافهم في التواريخ، وحكى عن البيهقي أنه يجوز أن يكون جرح سعد بن معاذ لم ينفجر عقب الفراغ من بني قريظة بل تأخر زماناً ثم انفجر بعد ذلك، وتكون المراجعة في قصة الإفك في أثناء ذلك.