(٢))) قال القارئ: الظاهر أن هذا الحديث مستند إلى رؤيا رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه روى الطبراني بإسناده عن مالك بن يخامر عن معاذ بن جبل قال: احتبس علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، صلاة الغدوة حتى كادت الشمس تطلع، فلما صلى الغدوة قال: إني صليت الليلة ما قضى رب ووضعت جنبي في المسجد، فأتاني ربي في أحسن صورة، وعلى هذا لم يكن فيه إشكال، إذ الرائي قد يرى غير المتشكل متشكلاً، والمتشكل بغير شكله وإن كان في اليقظة، وعليه ظاهر ما روى أحمد بن حنبل فإن فيه: فنعست في صلاتي حتى استيقظت، فإذا أنا بربي عز وجل في أحسن صورة، الحديث. فذهب السلف في أمثال هذا الحديث - إذا صح - أن يؤمن بظاهره ولا يفسر بما يفسر به صفات الخلق، بل ينفي عنه الكيفية ويؤكل علم باطنه إلى الله تعالى، فإنه يرى رسوله ما يشاء من وراء أستار الغيب بما لا سبيل لعقولنا إلى إدراكه، لكن ترك التأويل في هذا مظنة الفساد، إلى آخر ما ذكر من التأويلات، قلت: والحديث الذي ذكره من أحمد هو كذلك في المسند برواية أبي سعيد مولى بني هاشم عن جهضم اليمامي بلفظ: استيقظت، لكن ذكر الترمذي حديث معاذ هذا بلفظ: استثقلت. وهو كذلك في النسخ الهندية والمصرية، وذكر في متن النسخة المصرية الحديث بطوله، كما في هامش الأحمدية، وهكذا في المشكاة برواية الترمذي وأحمد، وبهذا اللفظ ذكره السيوطي في الدر برواية الترمذي ومحمد بن نصر والطبراني والحاكم وابن مردويه عن معاذ بن جبل، وفيه: نعست في صلاتي حتى استثقلت فإذا أنا بربي، الحديث، نعم ذكر السيوطي عدة روايات أخر تدل على اليقظة، وأخر صريحة في المنام، وفي بعضها أنها في ليلة الإسراء.