ألا يا قيل ويحك قم فهيتم ... لعل الله يسقينًا غمامًا فلما غنت الجرادتان بذلك قال بعضهم لبعض: يا قوم إنما بعثكم قومكم ليتغوثوا بكم من هذا البلاء الذي نزل بهم وقد أبطأتم عليه، فادخلوا الحرم واستسقوا لقومكم، فقال مرئد بن سعد: إنكم الله لا تسقون بدعائكم ولكن إن أطعتم نبيكم وتبتم إلى ربكم سقيتم، وأظهر إسلامه وأنشد أبياتًا، فأجابه جلهمة بأبيات، ثم قال جلهمة لمعاوية وأبيه بكر: احبسا عنا مرئدًا لا يقدمن معنا مكة، فإنه قد تبع دين هود وترك ديننا، ثم خرجوا إلى مكة يستسقون بها لعاد، فقام قيل بن عنز رأس وفد عاد يدعو، فقال: اللهم أعط قيلاً ما سألك. وقال الوفد معه: واجعل سئولنا معه، وقال قيل حين دعا: يا إلهنا إن كان هودًا صادقًا فاسقنا فأنا قد هلكنا، فأنشأ الله تعالى سحائب ثلاثًا: بيضاء، وحمراء، وسوداء، ثم نادى مناد من السماء: يا قيل اختر لقومك ولنفسك من هذه الثلاثة، فقال قيل: قد اخترت السحابة السوداء فإنها أكثر السحاب ماءًا، فناداه مناد اخترت رمادًا رمددًا لا يبقى من آل عاد أحدًا، وساق الله السحابة السوداء التي اختارها قيل بما فيها من النقمة إلى عاد، حتى خرجت إليهم من واد يقال له المغيث، فلما رأوها استبشروا بها، وقالوا: هذا عارض ممطرنا، يقول الله عز وجل: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} وكان أول من أبصر ما فيها وعرف أنها ريح مهلكة امرأة من عاد يقال لها مهدد، فلما عرفت ما فيها من العذاب صاحت ثم صعقت، فلما أن أفاقت قالوا: ماذا رأيت؟ قالت: رأيت فيها كشهب النار أمامها رجال يقودونها، فسخرها الله عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسومًا، إلى أخر ما في المعالم والخازن، وهذا أيضًا ملخص منهما، وعلم من ذلك أن المراد بوافد عاد في الحديث قبل بن عنز رأس وفدهم أعاذنا الله من نقمته.