للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن الأوجه بناء الأمر على ما هو العادة في نسائهم فلما كانت مختلفة أورد على الترديد.

[فإن ذلك يجزئك] أي يفرض طهارتك وكذلك فأفعلي كل شهر كما تحيض النساء وكما تطهرن أي ليس بينك وبين سائر تلك النسوة اللاتي تعرفين حكمين فرق وهو الذي ذكرنا سابقًا من الاكتفاء بالوضوء لكل صلاة.

[وقوله فإن قويت على أن تؤخري إلخ] بيان لأول (١) الأمرين الموعود بهما وقد ترك الرواة ثانيهما وقد ذكرنا لك ما يبين أن الثاني مذكور في كثير من الروايات وإن لم يبين ههنا وأيضًا فقد علمت في غير ما رواية أن الواجب لأجل جواز الصلاة إنما هو الوضوء لا غير وإنما كان الاكتفاء بالغسل لكل صلاتين أعجب إليه صلى الله عليه وسلم لسهولته وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب ما سهل (٢) على أمته ولم يتعسر سواء كان من أمور دينهم أو دنياهم مع أن الدوام على السهل أسهل وعلى العسير أعسر فينجر تعسره إلى الترك أصلاً.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى وهذا وإن كان مستحسن الظاهر لما فيه من البناء على الأقل في أمر الحيض فيما مر وما يأتي لإلزام القضاء في أوله والأمر بالأداء فيما بعد ذلك إلا أنه لا يخلو من مفسدة الأداء في أيام الحيض فإن اليوم الثاني من الشهر الثاني من أيام استمرار الدم الذي بعد أول الاستمرار متردد بين كونه حيضًا واستحاضة فالأمر بأداء الصلاة في أمثال تلك الأيام ليس في شيء من الاحتياط مع أن ترك الواجب أهون من أداء الواجب (٣) وأما ما ذهب إليه


(١) على مختار الشيخ وغيره، وأما عندي فبيان الأمر الثاني كما عرفت سابقًا.
(٢) وهذا لا شك فيه فقد ورد ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما إلا أن الأوجه عندي ههنا أن أعجبيته صلى الله عليه وسلم لبراءة الذمة باليقين بخلاف ما في التحري من غلبة الظن بالبراءة.
(٣) كذا في الأصل والأولى عندي على الظاهر بدله من فعل الحرام وإن أمكن تأويل كلام الشيخ بأن المراد من أداء الواجب أداء الصلاة في حالة الحيض وهو مستلزم لفعل الحرام أو يقال إن ترك الحرام واجب فهو بعينه أداء الواجب فتأمل ثم الأئمة مختلفة في مدة الحيض فقالت الحنفية أقلها ثلاثة أيام ولياليها وأكثرها عشرة، وقال أحمد والشافعي أقله يوم وليلة وأكثره قيل خمسة عشر يومًا ولياليها، وقيل سبعة عشر، وعند مالك لا حد لأقله وأكثره سبعة عشر يومًا وقيل ثمانية عشر يومًا وفي مختصر الخليل: أكثره للمبتدأة نصف شهر وللمعتادة ثلاثة استظهارًا على أكثر عادتها واستنبط الرازي مسلك الحنفية بما ورد في الروايات الكثيرة الشهيرة في الصحاح الستة من قوله صلى الله عليه وسلم: «لتنظر إلى عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن» فقال إطلاق الأيام من ثلاثة إلى عشرة وأما قبله فيقال يوم ويومان وبعده يقال أحد عشر يومًا، كذا في الأوجز، وقد ورد نصًا مرفوعًا في روايات عديدة أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام ذكر طرقها الزيلعي والحافظ في الدراية مع الكلام على رواتها ليس هذا محلها وقد أقر ابن قدامة وغيره من محققي أهل الفقه أنهم لم يجدوا دليلاً على أن أكثره خمسة عشر يومًا فتأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>