الأخرى الكفار والمنافقون، فبسط اليمين أولاً وأراه المسلمين من ذريته كما بسطت القصة، ثم أراه الكفار منها ببسط اليد الأخرى وفتحها، ولا يخفى أن الذي ورد فيه من أن عمر داود عليه السلام كان أربعين سنة، ثم آتاه آدم من عمره ستين مخالف لما سبق (١) في الروايات أن عمره كان ستين فآتاه آدم من عنده أربعين سنة، ويجمع بأن عمره كان أربعين فآباه آدم عشرين فصارت ستين، فسأل آدم ربه تبارك وتعالى من تمام عمره، بعد أن يحتسب ما آتاه آدم، فلما سمعه ستين زاد ثانيًا من عنده أربعين، وكذلك إذا حضرت وفاة آدم ذكره الملك ما آتاه ابنه داود من عمره، فحيث ذكره إعطاء ستين ذكره مجموع عطائه، وحيث ذكره أربعين ذكره ما آتى آخرًا، والأمر فيه سهل بعد التأمل الصادق، والله أعلم.
(١) أي في آخر تفسير سورة الأعراف، وما أفاده الشيخ من الجمع هو الملخص في ذلك الاختلاف، وإليه مالت الشراح، وقال القاري: ويمكن الجمع -والله أعلم- بأنه جعل له من عمره أولاً أربعين، ثم زاد عشرين، فصار ستين، ونظيره قوله تعالى: {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} وقوله تعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} ولا يبعد أن يتكرر مأتى عزرائيل للامتحان بأن جاء وبقى من عمره ستون، فلما جحده رجع إليه بعد بقاء أربعين على رجاء أنه تذكر بعد ما تفكر، وهذا أبلغ في باب النسيان، والأظهر أنه وقع شك للراوي وتردد في كون العدد أربعين أو ستين، فعبر تارة بالأربعين وأخرى بالستين، ومثل هذا وقع من المحدثين، ومهما أمكن الجمع فلا يجوز القول بالوهم والغلط في رواية الحفاظ، انتهى.