للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [وإن ذكرني في ملأ إلخ] ثم اختلف في تفضيلها هل الذكر (١) في الملأ أفضل أم الذكر في النفس؟ والحق الثاني إلا أن يكون أحد يذكر في النفس والملأ معاً فيذكره الله فيهما معاً، فهذا أفضل للجمع بين الفاضلتين، ولا يتوهم (٢) بالرواية تفضيل عامة الملائكة على عامة المؤمنين إذ الخيرية في من عنده تعالى فعل الخيرية المقربين من الملائكة.

قوله [واستعيذوا بالله من عذاب جهنم] قال طاؤس: يجب على المصلى قراءة هذه الدعاء في قعوده للصلاة فإن الأمر (٣) للوجوب، وحمله الآخرون على


(١) قال الحافظ: قال بعض أهل العلم: هذا الحديث يستفاد منه أن الذكر الخفي أفضل من الذكر الجهري، والتقدير إن ذكرني في نفسه ذكرته بثواب لا أطالع عليه أحداً، وإن ذكرني جهرًا ذكرته بثواب اطلع عليه إلا الأعلى، انتهى.
(٢) قال ابن بطال: هذا نص في أن الملائكة أفضل من بني آدم وهو مذهب جمهور أهل العلم، وعلى ذلك شواهد من القرآن، مثل: إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين، والخالد أفضل من الفاني، وتعقب بأن: المعروف عن جمهور أهل السنة أن صالحي بني آدم أفضل من سائر الأجناس، والذين ذهبوا إلى تفضيل الملائكة الفلاسفة ثم المعتزلة، وقليل من أهل السنة من أهل التصوف، وبعض أهل الظاهر، فمنهم من فاضل بين الجنسين فقالوا: حقيقة الملك أفضل من حقيقة الإنسان لأنها نورانية، ومنهم من خص الخلاف بصالحىي البشر والملائكة، ومنهم =من خصه بالأنبياء، ثم منهم من فضل الملائكة على غير الأنبياء، ومنهم من فضلهم على الأنبياء أيضاً إلا على نبيناً، ثم بسط الحافظ في الدلائل فارجع إليه.
(٣) وأوضح منه ما في أبي داود من حديث أبي هريرة مرفوعاً: إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر فليتعوذ بالله من أربع، الحديث. قال الشيخ في البذل: استدل بهذا الأمر على وجوب الاستعاذة، وقد ذهب إلى ذلك بعض الظاهرية، وروى عن طاؤس، وقد ادعى بعضهم الإجماع على الندب، انتهى. قلت: وقد بوب البخاري في صحيحه (باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب) ثم أورد فيه حديث ابن مسعود في التشهد، وفي آخره: ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو، وهذا حجة الجمهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>