للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرواح بكونه نبيًا لا يكون فيه كثير مدح، مع أن سائر الأنبياء لعلهم أعلموا بأن الله مستنبئهم ومرسلهم إلى أقوام في وقت، فالمعنى (١) أنه صلى الله عليه وسلم قد أعطى فاضلة التعليم والتربية في عالم الأرواح، فكان في تهذيب الأرواح وتكميلها، وبذلك يعلم وجه قوله صلى الله عليه وسلم: إن آدم ومن سواه تحت لوائه يوم القيامة، إلى غير ذلك من الإشارات.

له [ولا فخر] ويمكن أيضًا (٢) أن يقال في معناه: أن لا فخر بما


(١) وإلى نحو هذا المعنى أشار شيخ مشايخنا الشاه ولي الله الدهلوي في مؤلفاته كما أجمله في الدر الثمين، وبسطه بشيء من التفصيل في فيوض الحرمين، فقال: سألته صلى الله عليه وسلم عن معنى قوله: كنت نبيًا وآدم منجدل بين الماء والطين، وكان هذا السؤال بلسان المقال ولا الأخطار بالبال، فأراني صورته الكريمة المثالية قبل أن يوجد في عالم الأجسام، ثم أراني كيفية انتقاله إلى هذا العالم من عالم المثال، وأراني أشباح الأنبياء المبعوثين وكيف أفيض عليهم النبوة من حضرة التدبير حذو ما أفيض عليه في عالم المثال من تلك الحضرة، ثم شرح كلامه ذلك فأرجع إليه، وفي الدر الثمين: سألته صلى الله عليه وسلم سؤالاً روحانيًا عن معنى قوله ذلك، ففاض على روحي من روحه الكريمة الصورة المثالية التي كانت قبل أن يوجد في عالم الأجسام، وأن فيضانها في الحضرة المثالية كان عند كون آدم = =منجدلاً بين الماء والطين، وأن له صلى الله عليه وسلم ظهورًا تامًا في تلك الحضرة، وهو المعبر عنه بالنبوة في ذلك الحديث، ولذلك لما وجد في العالم الجسماني انتقل معه القوى المثالية، فظهر من العلوم ما لم يكن بحساب، انتهى.
(٢) أشار بقوله (أيضًا) إلى معناه المشهور، ولم يذكر هذا المعنى لشهرته وظهوره، وهو أن هذه الفضيلة التي نلتها كرامة من الله تعالى لم أنلها من قبل نفسي ولا نلتها بقوتي، فليس لي أن افتخر بها، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>