للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه. قوله [لم يأكل من أجره شيئًا] أي في دار الدنيا، فبقي له سالمًا بوفيه الله يوم القيامة. قوله [ولم يترك إلا ثوبًا] ولم يكن لمن معه من الثياب ما يزيد حاجته، وإلا لم يبخل بمواساته، فإن إتمام الكفن فرض (١) على المسلمين كفاية.

قوله [لقد أعطيت مزمارًا الخ] وسمع النبي صلى الله عليه وسلم منه (٢) قرآنًا، لحسن


(١) في الدر المختار: كفن الضرورة لهما ما يوجد، وأقله ما يعم البدن، وعند الشافعي ما يستر العورة كالحي، انتهى. قال ابن عابدين: قوله ما يعم البدن، ظاهره أنه لو لم يوجد له ذلك سألوا الناس له ثوبًا يعمه، وأن ما دون ذلك بمنزلة العدم، وأنه لا يسقط به الفرض عر المكلفين وإن كان ساترًا للعورة ما لم يعم البدن، لكن لا يخفى أن كفن الضرورة ما لا يصار إليه إلا عند العجز، فلا يناسب تقييده بشيء، ولذا عبر المصنف بما يوجد، نعم ما يعم البدن هو كفن الفرض، كما صرح به في شر المنية، فيسقط به الفرض عن المكلفين، لا بقيد كونه عند الضرورة، ولذا لما استشهد مصعب بن عمير بوم أحد ولم يكن عنده إلا نمرة إذا غطى بها رأسه بدت رجلاه وبالعكس، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتغطية رأسه بها ورجليه بالإذخر، إلا أن يقال: إن ما لا يستر البدن لا يكفي عند الضرورة أيضًا، بل يجب ستر باقيه بنحو حشيش كالإذخر، ولذا قال الزيلعي بعد سوقه حديث مصعب: وهذا دليل على أن ستر العورة وحدها لا يكفي خلافًا للشافعي، انتهى.
(٢) قال الحافظ: أخرج مسلم من طريق طلحة عن أبي بردة بلفظ: لو رأيتني وأنا أستمع قراءتك البارحة، الحديث. وأخرجه أبو يعلى من طريق سعيد ابن أبي بردة عن أبيه بزيادة فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة مرا بأبي موسى وهو يقرأ في بيته، فقاما يستمعان لقراءته، ثم إنها مضيا، فلما أصبح لقي أبو موسى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا موسى مررت بك، الحديث، فقال: أما إنه لو علمت بمكانك لحبرته لك تحبيرًا، قال الخطابي: قوله آل داود يريد داود نفسه، لأنه لم ينقل أن أحدًا من أولاد داود ولا من أقاربه كان أعطى من حسن الصوت ما أعطى.

<<  <  ج: ص:  >  >>