للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [وأين العرب يومئذ] كأنها استبعدت وقوع ذلك الأمر والعرب (١) شجاعتهم وحميتهم تأبى أن يفورا منه إلى الجبال.

قوله [لأنا بهم أو ببعضهم (٢)] والمعنى على تقدير الوثوق ببعض العجم نسبة إلى بعض العرب مستغن عن التأويل، إذ لا بعد فيه، وأما على تقدير كون العبارة لأنا بهم أوثق مني بكم فباعتبار أمور جزئية وكمالات (٣) شخصية،


(١) وظاهر كلام الشيخ أن العرب جملتهم تكون قليلة إذ ذاك، لا يستطيعون المقاومة بمن مع الدجال، منهم سبعون ألفًا من يهود أصفهان عليهم الطيالسة، والله أعلم غيرهم. ويؤيد ذلك لفظ أحمد قال: كلهم قليل، وحكى القاري عن الطيبي أنه قال: الفاء جزاء شرط محذوف، أي إذا كان هذا حال الناس فأين المجاهدون في سبيل الله الذابون عن حريم الإسلام، فكنى عنهم بها، انتهى. قلت: والأوجه عندي الأول كما يشير إليه ذكر المصنف الحديث في فضل العرب، ويؤيده أيضًا حديث أم الجرير المتقدم، بخلاف ما أفاد الطيبي فإنه يشير إلى قلة المجاهدين لا إلى قلة العرب.
(٢) بسط القاري في تعلق هذه الجوار والصلات فأرجع إليه لو شئت التفصيل، والمعنى ظاهر، وهو أن وثوقي بهم أو ببعضهم أكثر من وثوقي بكم أو ببعضكم.
(٣) وهذا أوجه مما قال الطيبي من أن المخاطبين بقوله: بكم أو ببعضكم، قوم مخصوصون دعوا إلى الاتفاق في سبيل الله فتقاعدوا عنه، فهو كالتأنيب والتعبير عليهم، ويدل عليه قوله تعالى في الحديث السابق: {وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} الآية، فإنه جاء عقيب قوله تعالى: {هَاأَنتُمْ هَؤُلاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الآية، يعني أنتم هؤلاء المشاهدون بعد ممارستكم الأحوال وعلمكم بأن الإنفاق في سبيل الله خير لكم تدعون إليه فتثبطون عنه وتتولون، فإن استمر توليكم يستبدل الله قومًا غيركم بذالون لأرواحهم وأموالهم في سبيل الله، ولا يكونوا أمثالكم في الشح المبالغ، فهو تعرض، وبعث لهم على الإنفاق، فلا يلزم منه التفضيل. قال القاري: إن كان مراده أنه لا يلزم التفضيل: مطلقًا =فهو خلاف الكتاب والسنة، مع أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وإن كان مراده أنه لا يلزم التفضيل المطلق فهو صحيح، إذ يدل على أنهم في بعض الصفات أفضل من العرب، ولا بدع أن يوجد في المفضول زيادة فضيلة بالنسبة إلى بعض فضائل الفاضل، فجنس العرب أفضل من جنس العجم بلا شبهة، وإنما الكلام في بعض الأفراد، انتهى. قلت: وما اختاره القاري هذا هو مفاد كلام الشيخ، والحديث السابق الذي أشار إليه الطيبي هو ما تقدم عند المصنف في تفسير سورة محمد من حديث أبي هريرة، وفيه: لو كان الدين بالثريا لتناوله رجال من فارس.

<<  <  ج: ص:  >  >>