(٢) بسط القاري في تعلق هذه الجوار والصلات فأرجع إليه لو شئت التفصيل، والمعنى ظاهر، وهو أن وثوقي بهم أو ببعضهم أكثر من وثوقي بكم أو ببعضكم. (٣) وهذا أوجه مما قال الطيبي من أن المخاطبين بقوله: بكم أو ببعضكم، قوم مخصوصون دعوا إلى الاتفاق في سبيل الله فتقاعدوا عنه، فهو كالتأنيب والتعبير عليهم، ويدل عليه قوله تعالى في الحديث السابق: {وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} الآية، فإنه جاء عقيب قوله تعالى: {هَاأَنتُمْ هَؤُلاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الآية، يعني أنتم هؤلاء المشاهدون بعد ممارستكم الأحوال وعلمكم بأن الإنفاق في سبيل الله خير لكم تدعون إليه فتثبطون عنه وتتولون، فإن استمر توليكم يستبدل الله قومًا غيركم بذالون لأرواحهم وأموالهم في سبيل الله، ولا يكونوا أمثالكم في الشح المبالغ، فهو تعرض، وبعث لهم على الإنفاق، فلا يلزم منه التفضيل. قال القاري: إن كان مراده أنه لا يلزم التفضيل: مطلقًا =فهو خلاف الكتاب والسنة، مع أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وإن كان مراده أنه لا يلزم التفضيل المطلق فهو صحيح، إذ يدل على أنهم في بعض الصفات أفضل من العرب، ولا بدع أن يوجد في المفضول زيادة فضيلة بالنسبة إلى بعض فضائل الفاضل، فجنس العرب أفضل من جنس العجم بلا شبهة، وإنما الكلام في بعض الأفراد، انتهى. قلت: وما اختاره القاري هذا هو مفاد كلام الشيخ، والحديث السابق الذي أشار إليه الطيبي هو ما تقدم عند المصنف في تفسير سورة محمد من حديث أبي هريرة، وفيه: لو كان الدين بالثريا لتناوله رجال من فارس.