للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيكون ممن ليس لم يوم الجزاء إلا الندامة، فنهاهم (١) عن ذلك.

قوله [من الجعل] دويبة صغيرة يجعل الخرء والنجاسة كشيء مستدير ثم يدهدهه إلى بيته، شبه المفتخرين بالأنساب بها في الافتخار (٢) والتنقير عما لا يفيد، فإن الذي يفتخر بآبائه إن كان هؤلاء كافرين كان باحثًا نجاسته (٣)، وإن كانوا على خير وكان على غير طريقتهم كان مظهرًا خباثة نفسه، أنه كيف صار خلف سوء لهم ولم يكن أحدًا من جملتهم، وأما إذا كانوا كذلك وكان مثلهم فظاهر أنه لا يفتخر ولا يعد نفسه شيئًا حتى يفتخر، وإنما هو مشتغل (٤) بمحاسبة نفسه، بصير بقبائحه في يومه وأمسه.


(١) وقد ورد النهي عن ذلك في روايات كثيرة بسطها السيوطي في تفسير قوله عز اسمه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى}، الآية.
(٢) اشتبه الأصل هاهنا، والظاهر أنه بالخاء المعجمة، ويحتمل أن يكون بالحاء المهملة، من افتحر الكلام والرأى إذا أتى به من قصد نفسه ولم يتابعه عليه أحد، كذا في القاموس، وكذلك اللفظ الآتي الظاهر أنه بالقاف، ويحتمل أن يكون بالفاء.
(٣) أي حافرًا نجاسة كفرهم، فإنه كلما ذكرهم وهم كافرون فهو مشيع لكفرهم ومفتخر به.
(٤) ففي المشكاة برواية الترمذي وغيره عن أبي ذر مرفوعًا: والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا، وما تلذذتم بالنساء على الفرشات، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله، قال أبو ذر: يا ليتني كنت شجرة تعضد. وبرواية رزين عن أبي هريرة مرفوعًا: أمرني ربي بتسع، الحديث. وفيه: أن يكون صمتي فكرًا، ونطقي ذكرًا، ونظري عبرة، رزقنيها الله تعالى بمزيد لطفه وعموم كرمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>