للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأن في التوثيق مراتب، فبعضهم (١) شدد في أمر التعديل فعد الجرح القليل الذي أحرى أن يغضى عليه جرحًا وتركه، وبعضهم جعله عفوًا فأخذ عنه، وقد يفعل مثل ذلك واحد (٢) منهم بأن يبين ضعفه إذا اعتبر الشدة، ثم يروى


(١) ففي زهر الربى: قال الحافظ ابن حجر في نكته على ابن الصلاح: ما حكاه عن الباوردي أن النسائي يخرج أحاديث من لم يجمع على تركه فإنه أراد بذلك إجماعًا خاصًا، وذلك أن كل طبقة من نقاد الرجال لا يخلو من متشدد ومتوسط، فمن الأولى شعبة وسفيان الثوري وشعبة أشد منه، ومن الثانية يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى أشد منه، ومن الثالثة يحيى ابن معين وأحمد بن حنبل ويحيى أشد منه، ومن الرابعة أبو حاتم والبخاري وأبو حاتم أشد منه، انتهى.
(٢) وفي الرفع والتكميل: كثيرًا ما تجد الاختلاف عن ابن معين وغيره من أئمة النقد في حق راو، وهو قد يكون لتغير الاجتهاد، وقد يكون لاختلاف كيفية السؤال. قال الحافظ ابن حجر في بذل الماعون في فضل الطاعون: وقد وثقه أي أبا بلح يحيى بن معين والنسائي، ومحمد بن سعد والدارقطني، ونقل ابن الجوزي عن ابن معين أنه ضعفه، فإن ثبت ذلك فقد يكون سئل عنه وعمن فوقه فضعفه بالنسبة إليه، وهذه قاعدة جليلة فيمن اختلف النقل عن ابن معين فيه، نبه عليه أبو الوليد الباجي في كتابه رجال البخاري، انتهى. وقال تلميذه السخاوي في فتح المغيث: ما ينبه عليه أنه ينبغي أن تتأمل أقوال المزكين ومخارجها، فيقولون: فلان ثقة أو ضعيف، ولا يريدون به أنه من يحتج بحديثه، ولا ممن يرد، وإنما ذلك بالنسبة لمن قرن معه على وفق ما وجه إلى القائل من السؤال، وأمثلة ذلك كثيرة لا نطيل بها، منها ما قال عثمان الدارمي: سألت ابن معين من العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه كيف حديثهما؟ فقال: ليس به بأس، قلت: هو أحب إليك أو سعيد المقبري؟ قال: سعيد أوثق والعلاء ضعيف، فهذا لم يرد به ابن معين أن العلاء ضعيف مطلقًا بدليل أنه قال: لا بأس به. وإنما أراد به ضعفه بالنسبة لسعيد المقبري، إلى آخر ما بسطه.

<<  <  ج: ص:  >  >>