(٢) وجزم محشي المجتبائية أي من القراءة والإجازة، انتهى. والأوجه عندي أن المراد الاحتمال الثاني من الاحتمالين الذين ذكرهما الشيخ. لأن المناولة مع الإجازة جعلها بعضهم أرفع من السماع، كما سيأتي عن كلام السيوطي في التدريب، وأما التردد في القراءة والمناولة أو في القراءة والإجازة فليس مما ينبغي لشأن المصنف. (٣) أي المجردة عن الإجازة، قال السيوطي في التدريب: القسم الرابع من أقسام التحمل المناولة وهي ضربان: مقرونة بالإجازة، ومجردة عنها، فالمقرونة بالإجازة أعلى أنواع الإجازة مطلقًا، ونقل عياض الاتفاق على صحتها، ومن صورها وهو أعلاها أن يدفع الشيخ إلى الطالب أصل سماعه أو فرعًا مقابلًا به ويقول: هذا سماعي أو روايتي عن فلان فأروه عني، أو أجزت لك روايته، ومنها أن يدفع إلى الشيخ الطالب سماعه فيتأمله الشيخ وهو عارف متيقظ ثم يعيده إلى الطالب ويقول: هو حديثي فأروه عني أو أجزت لك روايته، وهذه المناولة كالسماع في القوة والرتبة عند الزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومجاهد والشعبي، ومالك وابن وهب، وجماعة عدها السيوطي، ثم قال: ونقل ابن الأثير في مقدمة جامع الأصول أن بعض أصحاب الحديث جعلها أرفع من السماع لأن الثقة بكتاب الشيخ مع إذنه فوق الثقة بالسماع منه، والصحيح أنها منحطة عن السماع والقراءة، وهو قول الثوري والأوزاعي، وأبي حنيفة والشافعي، والمزني وأحمد وإسحاق، وأسنده الرامهرمزي عن مالك، ومن صورها أن يأتيه الطالب بكتاب ويقول له: هذه روايتك فناولنيه وأجز لي روايته، فيجيبه إليه اعتمادًا عليه من غير نظر فيه ولا تحقق لروايته، فهذا باطل، فإن وثق بخبر الطالب ومعرفته اعتمده وصحت الإجازة والمناولة، والضرب الثاني المناولة المجردة عن الإجازة بأن يناوله الكتاب مقتصرًا على قوله: هذا سماعي أو من حديثي، ولا يقول له: أروه عني، ولا أجزت لك روايته. فلا تجوز الرواية بها على الصحيح الذي قاله الفقهاء وأصحاب الأصول، وعابوا المحدثين المجوزين لها، إلى آخر ما بسط من الاختلاف في ذلك.