قوله [فهو عندنا حديث حسن] أي لغيره (١) لأن حسنه بتعدد الطرق، إذ
(١) اختلف شراح الحديث وأئمة الرجال في غرض الترمذي بهذا الكلام في أنه أي أنواع الحسن أردا بذلك، وحاصل ما أفاده الشيخ أنه عرف بذلك الحسن لغيره، وقال الحافظ في شرح النخبة: (خبر الآحاد بنقل عدل تام الضبط متصل السند غير معلل ولا شاذ هو الصحيح لذاته) وهذا أول تقسيم المقبول إلى أربعة أنواع، لأنه إما أن يشمل من صفات القبول على أعلاها أو لا، الأول الصحيح لذاته، والثاني إن وُجد ما يجبر ذلك القصور ككثرة الطرق فهو الصحيح أيضًا لكن لا لذاته، وحيث لا جبران فهو الحسن لذاته، وإن قامت قرينة ترجح جانب قبول ما يتوقف فيه فهو الحسن أيضًا لكن لا لذاته. ثم قال: (فإن خف الضبط) مع بقية الشروط المتقدمة (فهو الحسن لذاته) وخرج باشتراط باقي الأوصاف الضعيف (وبكثرة طرقه يصحح) فإن قيل: قد صرح الترمذي بأن شرط الحسن أن يروى من غير وجه، فكيف يقول في بعض الأحاديث: حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، فالجواب أن الترمذي لم يعرف مطلقًا، وإنما عرف بنوع خاص منه وقع في كتابه، وهو ما يقول فيه: حسن، من غير صفة أخرى، وعبارته ترشد إلى ذلك، حيث قال في أواخر كتابه: وما قلنا في كتابنا: حسنـ فإنما أردنا به إلخ، فعرف بهذا أنه إنما عرف الذي يقول: حسن فقط، أما ما يقول فيه: حسن صحيح، أو حسن غريب، فلم يعرج على تعريفه كما لم يعرج على تعريف ما يقول فيه: أو حسن غريب، فلم يعرج على تعريفه كما لم يعرج على تعريف ما يقول فيه: صحيح فقط، فكأنه ترك ذلك استغناء بشهرته عند أهل الفن. واقتصر على تعريف ما يقول في كتابه: حسن فقط، إما لغموضه وإما لأنه اصطلاح جديد، ولذلك قيده بقوله "عندنا" ولم ينسبه إلى أهل الحديث كما فعل الخطابي، وبهذا التقرير يندفع كثير من الإيرادات التي طال البحث فيها، ولم يستقر وجه توجيههاـ فلله الحمد على ما ألهم وعلم، انتهى. وما أفاده الشيخ من التوجيه حكاه صاحب لقط الدرر عن البقاعي إذ قال: استعمل الترمذي الحسن لذته في المواضع التي يقول فيها: حسن غريب ونحو ذلك، وعرف ما رأى أنه مشكل، لأنه يخرج الحديث أحيانًا ويقول: فلان ضعيف في سنده، ثم يقول: هذا حديث حسن، فخشى أن يشكل ذلك على الناظر فيعترض عليه بأنه كيف يحسن ما صرح بضعف راويه أو انقطاعه ونحو ذلك، فعرفه أنه إنما حسنه لكونه اعتضد بتعدد طرقه، انتهى. قال الملا: وهو يفيد جواز أن يراد بقوله: (ونحو ذلك) ما يشمل دونه أيضًا، وأستفيد منه أنه أراد بالحسن المطلق الحسن لغيره، انتهى. قلت: وحمله بعضهم على أنه عرف لمطلق الحسن فوقعوا في الأشكال، كما بسط في التدريب.