للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يورد على الحكم بالغرابة بأن مالكًا لم يتفرد بالزيادة بل رواها غيره أيضًا، وحاصل الجواب أن الكلام في الثقات، وهو ليس منهم.

قوله [وإنما يستغرب إلخ] يعني أن (١) الحديث قد يحكم عليه


(١) توضيح ذلك موقوف على تفسير أنواع الغريب، قال الزرقاني في شرح البيقونية: الغريب ما روى ارو فقط منفردًا بروايته عن كل أحد، إما بجميع الحديث كحديث النهي عن بيع الولاء وهبته، فانه لم يصح إلا من حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر، أو ببعضه كحديث زكاة الفطر، حيث قيل: إن مالكًا انفرد عن سائر رواته بقوله (المسلمين)، أو ببعض السند كحديث أم زرع، إذ المحفوظ فيه رواية عيسى بن يونس وغيره، عن هشام بن عروة، عن أخيه عبد الله عن أبيهما عن عائشة، رضي الله عنها ورواه الطبراني من حديث الدراوردي عن هشام بدون واسطة أخيه به، سواء انفرد به مطلقًا، أو بقيد كونه عن إمام شأنه أن يجمع حديث لجلالته، كالزهري وقتادة، خلافًا لابن مندة، ثم الحديث قد يغرب متنًا كحديث انفرد بروايته واحد، وقد يغرب إسنادًا فقط، كأن يكون معروفًا برواية جماعة من الصحابة، فينفرد به ارو من صحابي آخر، فهو من جهته غريب مع أن متنه غير غريب، قال ابن الصلاح: ومن ذلك غرائب الشيوخ في أسانيد المتون الصحيحة، قال: وهذا الذي يقول فيه الترمذي غريب من هذا الوجه، ومن ثم ابن سيد الناس فيما شرحه من الترمذي: الغريب أقسام، غريب سندًا ومتنًا، أو متنًا لا سندًا، أو سندًا لا متنًا، وغريب بعض السند، وغريب بعض المتن، ثم قال بعد ذلك: إن النوع الثاني لا وجود له، وقال الحافظ: الغرابة قد تكون في أصل السند، وهو طرفه الذي فيه الصحابي، أو لا يكون بأن يكون التفرد في أثنائه، فالأول الفرد المطلق كحديث النهي عن بيع الولاء، والثاني الفرد النسبي، ويقل إطلاق الفردية عليه، لأن الغريب الفرد مترادفان لغة واصطلاحًا، إلا أنهم غايروا بينهما من حيث كثرة الاستعمال وقلته، فالفرد أكثر ما يطلقونه على الفرد المطلق، والغريب أكثر ما يطلقونه على الفرد النسبي، انتهى. وقال السيوطي: يدخل في الغريب ما انفرد راو براويته، أو بزيادة في متنه، أو إسناده: وينقسم أيضًا إلى غريب متنًا وإسنادًا كما لو انفرد راو واحد، وإلى غريب إسنادًا لا متنًا كحديث روى متنه جماعة من الصحابة وانفرد واحد براويته عن صحابي آخر، ويه يقول الترمذي: غريب من هذا الوجه انتهى. إذا عرفت ذلك فوضح كلام المصنف أن الغرابة تُطلق على الحديث بعدة أوجه: منها أن يكون غريبًا باعتبار سند خاص، ومثل له بحديث أبي موسى الأشعري الآتي، وبذلك مثله السخاوي في شرح الألفية، إذ قال: أو يغرب إسنادًا فقط كأن يكون المتن معروفًا برواية جماعة من الصحابة فينفرد به راو من حديث صحابي آخر، فهو من جهته غريب مع أن متنه غير غريب، ومن أمثلته حديث أبي بردة عن أبيه رفعه: الكافر يأكل في سبعة أمعاء، فإنه غريب من حديث أبي موسى مع كونه معروفًا من حديث غيره، قال ابن الصلاح: ومن ذلك غرائب الشيوخ في أسانيد المتون الصحيحة يعني كأن ينفرد به من حديث شعبة بخصوصه غندر، قال: وهو الذي يقول فيه الترمذي: غريب من هذا الوجه، انتهى. قلت: ومثل الترمذي لهذا الأخير بما سيأتي من حديث شبابة عن شعبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>