تركوا هنا قولهم الذي كان من أصولهم وهو أنه ما من عام إلا وخص منه البعض أو لم يعملوا به هنا أيضًا أو لم تر أن قوله صلى الله عليه وسلم.
[فليصلها إذا ذكرها] نص في أداء الصلاة ظاهر في بيان الوقت ونهيه عن الصلاة في الأوقات المكروهة نص في بيان الوقت الذي يحترز عن الصلاة فيه فكيف يعارض به فلذلك قدمنا حديث النهي على حديث الأمر أو يقال هذا عام خص عنه الوقت المكروه بحديث آخر كما أشرنا إليه آنفًا وسيجيئ بعض بيانه أيضًا فيما يأتي.
[شغلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع صلوات] فيه تغليب فإنهم لما شغلوا عن الثلاثة وفي أدائها تأخرت صلاة العشاء أيضًا عن وقتها المعهود فكأنهم شغلوا عن الأربع وهذا هو أصل (١) في ثبوت الترتيب في الفوائت ما بينها وغيرها لصاحب الترتيب.
(١) والمسألة خلافية بين الأئمة، قال ابن العربي اختلف العلماء في معنى هذا الحديث إذا اجتمع على المكلف صلوات فاتت هل يرتبها فيقضيها حسب ما كانت وجبت عليه أم لا (هكذا في الأصل) قد يسقط الترتيب فيها فيصليها كيف شاء فقال الإمام مالك وأبو حنيفة: ومعنى قول أحمد وإسحق أن الترتيب فيها واجب مع الذكر ساقط مع النسيان ما لم يتكرر فيكثر، وقال الشافعي وأبو ثور لا ترتيب فيها فإن ذكرها وهو في صلاة حاضرة فلا يخلو أن يكون وحده أو وراء إمام فإن كان وحده بطلت وصلى الفائتة وأعاد التي كان فيها وإن كان وراء إمام أتم معه ثم صلى التي نسى ثم أعاد التي صلى مع الإمام هذا هو مذهبنا وبه قال أبو حنيفة وأحمد وإسحاق، وقال الشافعي: يعيد التي نسى خاصة، انتهى، قلت: الترتيب واجب عند الإمام أحمد نص عليه في مواضع كما قاله ابن قدامة ولا يسقط عنده بالكثرة أيضًا خلافًا للحنفية والمالكية إذ قالوا بسقوطه بالكثرة كما في الأوجز بالتوضيح والدلائل.