للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قوله هذا خلاف ما روى عنه أنه نهى عن الصلاة بعد العصر] وأنت تعلم أنه لا يخالفه إذا النهي للأمة لا يقتضي النهي له ولعل الوجه في ذلك أن النهي عن الصلاة بعد العصر إنما وجهه التشبه بعابدي الشمس وذلك إنما هو وقت الغروب بعينه لا قبله لكن النهي عن الصلاة بعد العصر مطلقًا سواء كان وقت الغروب أو قبله فإنما ذلك لئلا يفضي شروعه في الصلاة بعد العصر إلى انتهاء الصلاة وقت عين الغروب وأما النبي عليه الصلاة والسلام فمع قطع النظر عن تنزهه عن توسخ التشبه كان يعلم وقت الغروب فلم يكن شروعه في الصلاة بعد العصر مفضيًا إلى وقوعها في عين وقت الغروب ومما يدل على كون ذلك مختصًا به صلى الله عليه وسلم أنه صلاها في البيت ولولا أنه أراد أن لا يقتدوا به فيهما لصلاهما جهرة وعيانًا.

[قوله فقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم رخصة (١) في ذلك] وهو ما أورده


(١) وتوضيح مسالك الأئمة في ذلك كما بسط في الأوجز أنه تصح الصلاة مطلقًا في هذه الأوقات كلها عند داؤد وابن حزم وغيرهما من الظاهرية وتحرم عند الحنابلة النوافل في هذه الأوقات الخمسة أي عند الطلوع والغروب والاستواء وبعد الفجر والعصر مطلقًا سواء كانت ذات سبب أولاً بمكة وغيرها إلا سنة الظهر في الجمع بين الصلاتين وإلا ركعتي الطواف ويجوز القضاء والنذر في هذه الأوقات كلها وأما عند الشافعية فتجوز النوافل ذات سبب أيضًا وغير ذات السبب أيضًا بمكة وسنة فلا يجوز سنة الظهر في المجموعة والمراد بذات السبب ما تقدم سببه كتحية الوضوء وغيرها، وأما ما له سبب متأخر كصلاة الاستخارة والإحرام فلا يجوز أيضًا، وأما عند المالكية فمنع غير المكتوبة حتى صلاة الجنازة أيضًا عند الطلوع والغروب وكره بعد صبح وعصر إلا لجنازة وسجدة التلاوة قبل الأسفار والاصفرار وأما عند الحنفية فلا تجوز الصلاة مطلقًا في الأوقات الثلاثة الأول إلا عصر يومه، وإلا جنازة حضرت فيها والوقتان الأخيران من الخمسة لا يجوز فيها النوافل والبسط في الأوجز مع الدلائل.

<<  <  ج: ص:  >  >>