للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأوقات المكروهة لما عارضه هذا الحديث المذكور في الباب رجعنا إلى القياس إذ هو المصير عند تعارض الآثار وتناقض الأخبار فالقياس يرجح حديث النهي في صلاة الفجر وحديث الإدراك في صلاة العصر إذ الواجب في صلاة العصر هو الناقض لما أن الوجوب يضاف إلى أن الشروع وذلك الوقت ناقض فإذا اعترض الفساد بغروب الشمس لم تصر صلاته أدنى مما وجبت عليه فكان المؤدي مثل الواجب بخلاف وقت الفجر فإن كله تام حتى يبدو حاجب الشمس وبعد ذلك لم يبق فليس في ذلك الوقت جزء هو ناقص نسبة إلى الباقي فالآن المضاف إليه الوجوب لما كان كاملاً وجبت صلاته كاملة فإذا اعترض الفساد بطلوع الشمس لم يبق المؤدي على الصفة التي وجب عليها فكان باطلاً هذا ما قالوا وأنت تعلم ما فيه من الاختلال وتزويق المقال فإن قولهم النهي عن الأفعال الشرعية يقتضي صحتها في أنفسها ينادي (١) بأعلى نداء على جواز الصلاتين كلتيهما وإن اعتراهما حرمة بعارض التشبه بعبدة الشمس فادعاء المعارضة بينهما باطل وإن قطع النظر عن ذلك فلا وجه لعدم الجواز في الفجر والجواز في العصر فإن الوقت شرط لكلتيهما فإذا غربت الشمس بعد أداء ركعة أو ركعتين لم يبق الوقت المشروط لصحة الباقي فكيف يمكن لهم القول بأن الصلاة تامة إذ ليس ذلك إلا قولاً بعدم اشتراط الوقت فعلى هذا يلزم (٢) عليهم جواز صلاة من شرع في الصلاة وثوبه نجس بقدر الدرهم أو دونه ثم بعد أدائه ركعة وضع عليه رجل شيئًا نجسًا ليس ذلك إلا أداء الصلاة على الكيفية التي التزمتها أو من أخذ في الصلاة وهو يدافعه الأخبثان فلما قضى ركعة أو ركعتين بال أو تغوط أو ليس نظير ما قالوا فإنه أدى صلاة بعد الحدث على نحو مما التزمه وحاصله أنكم لم تفترقوا


(١) قلت: لكن الكلام فيه مجال يظهر من ملاحظة كتب الأصول والفقه.
(٢) قلت: إلا أن بين الشرطين فارقًا فإن الوقت ليس بشرط لصحة الصلاة بل لأداء الصلاة فإذا فات فلا شك في أنه لا يبقى أداء بخلاف الحدث فإن الطهارة شرط لصحة الصلاة فتدبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>