للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقت الفجر فإن كامل وبعد الطلوع لعل النقص ذاتي له ولذلك لم يشرع في ذلك شيء من الصلوات المفروضة فاعتراض الفساد بالغروب يغاير اعتراض الفساد بالطلوع ففي الأول لا تبطل الصلاة إذ وقت المؤداة مثل وقت المفروضة في كونهما فاسدين وصفًا وفي الثاني تبطل إذ المفروضة كاملة والمؤداة مؤداة في وقت النقض ذاتي له فتطويل من غير طائل إذ الأوقات التي عينت للصلوات إنما هي أسباب لوجوب أدائها كما أنت تعلمه فإذا كان كذلك فبعد خروج الوقت سواء كان في الفجر أو العصر لا يؤديه العبد إلا من عنده فيستويان في أن كلاً منهما من عنده فإن الوقت بعد الطلوع وقبل الزوال إنما هو حق العبد كما أن أوقات سائر الصلوات حق العبد غير وقت أداء فريضة ذلك الوقت فكيف يقال بأن الوقت الذي بعد الغروب غير الذي بعد الطلوع إذ هما من حق العبد ونسبة كل وقت لغير صلاة ذلك الوقت لا تفريق بينهما في أن تكون فيه شرعية صلاة أخرى أولاً فبطل الفرق الذي بينه فأفهم فلعل ذلك البحث دقيق فلما لم يتعين عند الأحناف معنى الحديث على الوجه الذي ذكر كما بينا فالمراد بالإدراك ليس هو الإدراك على سبيل الإحاطة وإلا لزم جواز الصلاة بالاقتصار على ركعة فإنه لما أريد بالإدراك في الموضعين هو الإحاطة صار المعنى من صلى ركعة قبل الطلوع أو الغروب فقد صلى الصلاة كلها وهذا باطل لم يقل به أحد فعلم أن الإدراك ليس ههنا بمعنى الإحاطة وإنما معناه اللحوق فإنه كما يطلق على الإحاطة كما في قوله تعالى {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} كذلك يطلق على اللحوق تقول أدركت زيدًا إذا لحقته فالمعنى أن من لحق بركعة من الفجر قبل طلوع الشمس فقد أدرك الفجر بمعنى أن النائم مثلاً والساهي أو المقصر إذا شرع في الصلاة والباقي من الوقت لم يكن إلا قدر ركعة لو صلى وأتم جازت صلاته وأما إن صلاته هل هي مكروهة أو لا فأمر آخر لم يبحث عنه ههنا، وحاصله أن هذه الرواية تنبئ عن فراغ الذمة لمن صلى في شيء من هذين الوقتين وإن لم يخل فعله ذلك من كراهة ولا يعارضه حديث النهي عن الصلاة في الوقتين لأن النهي عن الأفعال الشرعية لما

<<  <  ج: ص:  >  >>