للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقبل من غضب أيًا كان ومن الغنيمة أشد فلذا ذكرها، أو يقال (١) تخصيص الغنيمة باعتبار المحل الذي قال فيه هذا الكلام وإن كان الحكم لا يفترق بين خيانة وخيانة.

[قال أبو عيسى إلخ] ومما اختصت به سنن الترمذي رحمه الله تعالى من


(١) وأفاد الشيخ في البذل لعل وجه تخصيصه بالذكر أن الغنيمة فيها حق لجميع المسلمين فإذا كان التصدق من المال الذي له فيها حق غير مقبول فأولى أن لا تقبل من المال الذي ليس له فيها حق، انتهى، وكتب الشيخ محمد حسن في تقريره: اعلم أن الصدقة من مال الغلول وكذا من كل مال حرام كمال السرقة وثمن الخمر وأجرة المزينة ونحوها لا تقبل، وكذلك المال الحرام لا يصير حلالاً وإن تداوله الأيدي لأن الحرمة ثبتت بالنص ولم يوجد نص آخر يدل على رفع الحرمة بتداول الأيدي، فإن قلت إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشتري من أهل الحرب ومن أهل الذمة أموالهم مع أن أكثر أموالهم كان حرامًا لكونها حاصلة بالربا والسرقة ونحوهما من غير أن يسألهم عنها، فعلم أن الحرمة ترفع بتداول الأيدي.
قلت: أموال أهل الحرب على نوعين: منها ما حصل لهم على وجه حلال في عرفهم وإن كان حرامًا عندنا كالربا ونحوه، فهذا المال يصير ملكًا لهم لأنهم لما لم يكونوا مخاطبين بالفروع كان المعتبر فيهم عرفهم فحلال لنا أن نشتري هذا المال منهم، ومنها ما حصل لهم على وجه لا يكون حلالاً في عرفهم أيضًا كالسرقة ونحوها، فقلنا هذا المال يصير ملكًا لهم باستيلائهم عليه فحل لنا أن نشتريه منهم، وأما أهل الذمة فهم مبقون على عرفهم فكان الجواب فيهم كالجواب في أهل الحرب فيما هو حلال في عرفهم، أما لو اكتسبوا مالاً على وجه لا يكون حلالاً في عرفهم ولا في شرعنا فذلك المال لا يصير ملكًا لهم ولا يحل لنا أن نشتريه منهم، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>