بعضهم من أنه عليه السلام كان يصلي من بدء الأمر بحيث يستقبل نحو بيت المقدس والبيت كليهما والمقام الذي كان يصلي فيه بين الحجر والركن اليماني فلما أتى المدينة بقى على توجه نحو بيت المقدس وترك استقبال القبلة ثم أمر باستقبال القبلة تعالى:{فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} وعلى هذا فالنسخ لا يكون إلا مرة والقائل بذلك هو ابن عباس وإنما قال ذلك لئلا يلزم تكرار النسخ والأصح أن استقباله في مكة إنما كان إلى البيت لا غير ثم نسخت لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة والتوقي عن تكرار النسخ إنما هو إذا لم تثبت وههنا ليس كذلك فالمعنى هذا باب ابتداء قبلة البيت الحرام بعد نسخه وبهذا مناسبه الحديث للباب الوارد هو فيه ظاهرة أو يقال هذا باب في بيان ابتداء التوجه إلى القبلة التي هي قبلتنا بعده صلى الله عليه وسلم سواء كان قبل النسخ أو بعده. [فصلى رجل معه العصر ثم مر على قوم من الأنصار] في يوم النسخ أو في ثاني يوم ولم يك التحويل في صلاة العصر قال [فانحرفوا وهم ركوع] لا يثبت بذلك النسخ بخبر واحد إذ الملاك إنما هو وقوع العلم القطعي اليقيني وههنا كذلك لما كانوا تيقنوا بالتحويل وكانوا منتظرين لأدنى مخبر بذلك فكيف وأخبرهم صحابي (١) ولعله بلغ أعلى درجات العدالة مع أنه لا يضرنا لو لم يكن أيضًا كذلك ثم لا يتوهم بذلك جواز التعليم والتعلم في الصلوة مع أن الفقهاء عدوه من مفسدات الصلاات وفرعوا عليه مسائل ووجه ذلك أنهم إنما عدوا من المفسدات التعليم الذي يطاوعه المصلي ويأخذ به بفور تعليم آخر وأما إذا نظر فيه بعد تعليمه واستمد برأيه وعلمه أو بفهمه ثم
(١) المشهور أنه عباد بن بشر وقيل غير ذلك كما في شروح البخاري.