للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالجلوس في الصلاة يريد بذلك أن يستقر في أذهانهم كراهته ما يفعله أهل فارس والروم بخدمة ملوكهم من القيام إذ كانت فيه شائبة وشبه بالشرك فلما استقر ذلك تركه كما فعل في آخر صلاة صلاها بالجماعة فإنه كان إمام القوم لحصر أبي بكر عن القراءة كما كان وقع مثل ذلك قبل ذلك أيضًا في صحته صلى الله عليه وسلم وأما ما رواه البعض من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مؤتمًا بأبي بكر لا إمامًا لهم فيرده قعوده صلى الله عليه وسلم عن شمال (١) أبي بكر فإن النبي صلى الله عليه وسلم لو لم يكن إمامًا لما جلس إلا إلي يمينه والعذر أنه إنما فعل ذلك لما كان حسر عن المشي غير مسلم لأنه لم يكن ليترك سنة القيام توقيًا عن أدنى المشقة ولم يكن يثقل عليه أن يشير بأبي بكر فيصير عن يساره وقال أحمد وإسحاق روايات عائشة في صلاته تلك متخالفة فوجب المصير إلى غيرها فقلنا بما رواه أنس بن مالك قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه خلف أبي بكر قاعدًا في ثوب متوشحًا به مع أن فعله هذا لا يخالف ما فعله قبل ذلك وأمر به وإذا صلى قاعدًا فصلوا قعودًا أجمعين وأما إذا حمل على ما حمل عليه أبو حنيفة والشافعي وغيرهم يلزمهم النسخ بغير دليل إذ الروايات متعارضة فامتنع الترجيح قلنا لا تعارض في روايتي عائشة فإنها روت حسب ما علمت من إمامة أبي بكر ثم لما علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان هو الإمام روت ذلك أو يقال أن قول عائشة وغيرها في ائتمامه صلى الله عليه وسلم بأبي بكر موجه بأنه ليس في قولهم ما فيه


(١) فقد ورد نصًا عند الشيخين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم جلس عن يسار أبي بكر كذا في الأوجز.

<<  <  ج: ص:  >  >>