للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرض للمكي في الاستقبال إصابة عينها ولغيره إصابة جهتها فكذلك النهي عن الاستقبال والاستدبار إنما المقصود تعظيم عين هذا المكان غير أن الاطلاع على عين تلك البقعة لما تعسر أمرنا باستقبال جهة في الصلاة ونهينا عن استقبال جبهته أيضًا واستدبارها في الغائظ، وما في حكمه لأجل هذا التعسر فإذا سلم أنه صلى الله عليه وسلم كان ينظر إليه (١) لم يستبعد إصابته جهتها إذا لم يلزم فيها إصابة عينها التي هي المقصود بالنهي ولا يبعد أن يجاب أيضًا بأن الأمر بالتحرز عن استقبالها واستدبارها لما فيهما من إساءة أدب فأما جملة أعضاء النبي صلى الله عليه وسلم فأشرف ما يكون فليس في استقباله إياها ترك تعظيم وهذا راجع إلى ما تقدم من الاختصاص مع أن استقباله هذا يحتمل بناءه على عذر من تحصيل الستر ومثله فلا يعارض النهي كالبول قائمًا الآتي عن قريب فإنه كان مبنيًا على عذر كما سيذكر فلا يمكن أن يعارض عموم النهي والله أعلم.

[رقيت يومًا على بيت حفصة إلخ] أسند البيت في بعض الروايات إلى نفسه وفي بعضها إلى أخته حفصة، وفي الأخرى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا ضير في كل ذلك فإن المراد واحد والتفاوت إنما هو في التعبير والعنوان فإن لكل من الثلاثة المذكور تلبسًا به (٢) فأضيف إلى أيهم شاء، ثم إن الرواية تخالف مذهب الشافعي وأحمد رحمهما الله تعالى حيث تبث فيه استقبال القبلة ولم يكن ثمة كنيف وإلا لما نظر إليه ابن عمر وغاية ما يمكن من الاعتذار فيه للشافعي رحمه الله أن يقال إنه صلى الله عليه وسلم كان


(١) أي بطريق الكشف كما كشف له صلى الله عليه وسلم جنازة النجاشي حيث صلى عليها وكما كشفت له الجنة والنار في صلاة الكسوف وغيرها.
(٢) وذكر الشيخ في البذل طريق الجمع أن يقال أضاف البيت إلى نفسه على سبيل المجاز إما لكونه بيت أخته أو أضافه إلى نفسه باعتبار ما آل إليه الحال لأنه ورث حفصة دون إخوته لكونه شقيقها ولم تترك من يحجبه عن الاستيعاب وأضافه إلى حفصة لأنه البيت الذي أسكنها فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى، وبسطه الحافظ في الفتح.

<<  <  ج: ص:  >  >>