للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني ما ليس في الثالث، وكذلك فلما كان ذلك أيامًا لا تبقى في الصوم مشقة، وكان معتادًا وكان المقصود أن لا يتعدى من الحدود التي عينها الشارع لأحكامه فوجب النهي عن النقص والزيادة في صيام رمضان أيضًا بذلك، فلما كان المسلمون قبل رمضان غير عادي (١) الصيام كفاهم أدنى منع في ذلك، فمنعه بقوله: لا تواصلوا شعبان برمضان، وأما بعد قضائهم صيام رمضان وفراغهم عنه فقد اعتادوا الصيام ولم يبق إعراض الطبيعة عن الصوم كما كان قبل رمضان فاحتاجوا إلى منع هو أشد من المنع الأول فحرم (٢) صيام أيام خمس منها يوم العيد، ثم أمر بالأكل قبل الصلاة سدًا لباب المحرم إلا أن هذا ترك في عيد الأضاحي بعارض الضيافة، ثم في ذلك المقدار من الصوم تشبه باليهود لما أن صومهم يكون هذا القدر، وليس ذلك في الأضحى لما فيه من تعجيل أمر الصلاة، مع أنه لا صوم في الأضحى حتى يلزم الزيادة على ما عين منه صورة مع أن الأولى أن يكون أول طعامه ما هو من ضيافة الرب الكريم، قوله [على تمر] إما لرخصه في العرب أو لما فيه من مناسبة بالمعدة لحلاوته.


(١) هكذا في الأصل والظاهر غير معتادي الصيام، والعادي في اللغة الذي جرت به العادة.
(٢) أي كره تحريمًا، وقد يطلق على المكروه التحريمي لفظ الحرام في عرف الفقهاء، وقد قال ابن عابدين: يسمى الإمام محمد المكروه التحريمي حرامًا ظنيًا.
(٣) اختلفت الروايات عن ابن عمر في التطوع في السفر، وجمع بين ذلك بوجوه منها ما أفاده الشيخ، وذكر الحافظ: الجمع بالفرق بين الرواتب وغيرها فالإنكار على الأول والإثبات للثاني، ويظهر من صنيع البخاري أنه مال إلى الفرق بين الرواتب البعدية وغيرها، ومال العيني إلى أن النفي غالب أحواله والإثبات في بعض الأوقات، واختار شيخ مشايخنا الشاه عبد الغنى: بأن النفي في حالة السير والإثبات في حالة القرار، والأوجه عندي أن النفي محمول على الصلاة في الأرض والإثبات على الصلاة على الدابة راكبًا، والبسط في الأوجز.

<<  <  ج: ص:  >  >>