للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عمل الأصحاب الأخر يرده عمل النبي صلى الله عليه وسلم بخلافه، فإنه أقام بمكة عشرة أيام أو أكثر، ومع هذا لم يتمم (١) ولا يتوهم أنه أقام هذا القدر من غير قصد، وكان يريد الارتحال في أقل من ذلك، لأنه صلى الله عليه وسلم لما نزل بمكة رابع ذي الحجة لم يكن له قصد إلا الرواح بعد الفراغ من الحج، وليس الفراغ (٢) إلا في الرابع عشر، فالقصد للإقامة كان لعشرة أيام أو أكثر من ذلك، قوله [وروى عن ابن عمر] الروايات عن ابن عمر مختلفات فكيف يعمل بإحداها دون الآخر، [وروى عن سعيد بن المسيب أنه قال: إذا أقام أربعًا] هذا ما يرده أيضًا عمل الصحابة والنبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فإنهم كانوا على يقين وإزماع من الإقامة أربع أيام قوله [إلى توقيت خمسة عشرة] لما روى في رواية (٣) من روايات إقامته يوم فتح مكة، ولما روى في رواية عن ابن عمر أيضًا، قوله [ثم ناوله (٤) هكذا] في رواية الترمذي في نسختنا، وأما ما أقرءناه الأستاذ أدام الله علوه فتناوله بلفظ التاء الفوقانية المثناة دون النون، قوله [فصلى تسعة عشر يومًا ركعتين ركعتين] إقامته وهي هذه (٥) لم تكن بإزعامه لإقامة هذا القدر، لأنه قد اجتمعت عليه حينئذ


(١) يحتمل أن يكون من التفعيل فإن التتميم والاتمام في اللغة واحد، والأوجه أنه من الاتمام فيجوز في الجزم الفك والادغام.
(٢) هذا معلوم إلا أن قيام هذه الأيام العشرة لم يكن في محل واحد بل بمنى وعرفات ومكة وغيرها، فلا يتم الاستدلال على أصول الحنفية، وأجيب عن هذا الإشكال في تقرير عمي الشيخ مولانا رضي الحسن المرحوم أن هذه المواضع كلها داخلة في مكة انتهى، أي باعتبار كونها فناء له فتأمل.
(٣) وهو أقل ما ورد في ذلك، فالأخذ بالمتيقن أولى.
(٤) أي بالنون ذكر في هامش ((شرح السراج)) من المناولة بمعنى الأخذ وفي بعض النسخ بالتاء أي عمل به.
(٥) هكذا في الأصل، والظاهر أنها جملة معترضة بين المبتدأ والخبر فتأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>