قد يسمى صدقة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في غير هذا الحديث تصدق على نفسك، ومن روى ههنا لفظ الزكاة بدل لفظ الصدقة بالزكاة علمًا منه أنهما واحد فكان ذلك رواية بالمعنى عنده مع أن ظاهر «تأكله الصدقة» إحاطة الصدقة كل ماله وذلك لا يكون في الزكاة، فإنها لا تجب بعود المال إلى أقل من النصاب وإن لم يكن نصابًا من أول الأمر لم تأكله الصدقة رأسًا، وأما إذا أريد بها النفقة سواء كانت نفقة نفسه أو أحد ممن يجب عليه نفقته كان ظاهرًا في معناه.
[قوله والمعدن جبار] ومعنى كونه جبارًا أن رجلاً إذا استأجر رجلاً ليحفر له المعدن فسقط عليه المعدن في حفره لا شيء على المستأجر وكذلك إذا حفر رجل معدنًا فأخذ ما أخذ وعاد ولم يسو الحفرة بالتراب وغيره فسقط فيه شيء لا شيء في ذلك على الحافر، وهذا معنى قوله والبير جبار، وهذا كله إذا لم يكونا في ملك أحد أو كانا بإجازة المالك وإلا فلابد من الدية وإهدار جرح العجماء مقيد بما إذا لم يكن معه أحد وإن كان أضيف إليه ووجب الدية.
[وفي الركاز الخمس] الفرق بين الكنز والركاز أن الأول من المخلوق، والثاني من الخالق والمعدن ما يخرج منه الركاز، ثم اعلم أن الركاز للواجد أينما وجد لكنه يخمس، وأما الكنز ففيه تفصيل إن كان في أرض غير مملوكة لأحد فالحكم فيه مثل ما مر، وإن كان في المملوكة لنفسه فلا شيء فيه عند الإمام في رواية وعند صاحبيه يخمس، أو المملوكة للغير فقال أبو يوسف إلخ، والتفصيل (١) في
(١) ونصه إن وجد ركازًا أي كنزًا وجب فيه الخمس عندهم واسم الركاز يطلق على الكنز لمعنى الركز وهو الإثبات، ثم إن كان على ضرب أهل الإسلام كالمكتوب عليه كلمة الشهادة فهو بمنزلة اللقطة، وقد عرف حكمها في موضعها وإن كان على ضرب أهل الجاهلية كالمنقوش عليه الصنم ففيه الخمس على كل حال، ثم إن وجده في أرض مباحة فأربعة أخماسه للواجد، لأنه تم الإحراز منه إذ لا علم به للغائمين فيختص هو به وإن وجده في أرض مملوكة فكذا الحكم عند أبي يوسف وعند أبي حنيفة ومحمد هو للمختلط له وهو الذي ملكه الإمام هذه البقعة أول الفتح، انتهى، وعلم منه أن الاختلاف فيه للطرفين مع أبي يوسف رحمه الله لا للإمام مع صاحبيه فتأمل.