للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأضحية وأوقات الصلاة، فالمعتبر عند كل أهل بلد رؤيتهم إلا أن الإمام (١) خصص من ذلك الحكم الصيام خاصة فقال بأن رؤية أهل مطلع يجب الصيام بحسبها لكل أهل الأرض ولعله استند في ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن لفظة صوموا عامة خوطب بها كل من يصلح للخطاب حيث ما كان وترك فاعل الرؤية فهي مطلقة تتحقق بتحقق الفرد الواحد أيضًا فكان المعنى يا أيها المؤمنون كلهم (٢) صوموا إذا وجد الرؤية وأنت تعلم أن رؤية أصحاب بلد رؤية فأمروا بالصيام عند ذلك، ولعل الوجه في قوله صلى الله عليه وسلم ذلك البناء على الاتفاق ما أمكن فإن اتفاق الأمة في العادات والعبادات مقصود ما أمكن زمانًا أو مكانًا أو بحسبهما معًا وهذا التقرير موقوف على مزيد تدبر في مباني الأحكام، وأما رواية من روى صوموا لرؤيتكم وأفطروا لرؤيتكم فإنما المراد بذلك تختص بالأداء فإن الرجل إذا لم يطلع على رؤية من رأى من غير أهل بلده أنى يصوم برؤيتهم، فأمروا أن يصوموا على حسب رؤيتهم وأما إكمال عدة رمضان والإفطار بعده فإنما يكون على حسب ما رآه غيرهم إذا لم يروا في ذلك اليوم ورآه غيرهم مثلاً رأى الهلال أهل كلكتة في يوم الجمعة، وأصحاب مكة يوم الخميس فعند رؤية أهل مكة لم يعلموا أهل كلكنة حال رؤيتهم حتى يصوموا على حسب صيامهم ورؤيتهم ولكنهم إذا أطلعوا على رؤيتهم يجب لهم أن يقضوا صوم يوم الخميس، وأيضًا أن يعيدوا (٣) على حسب يوم الخميس لا على حساب يوم الجمعة، والله الهادي إلى سواء الطريق.


(١) لم يتفرد الإمام أبو حنيفة بذلك بل المنفرد به الإمام الشافعي وبقية الأئمة الثلاثة متفقة في ذلك في المعتمد عندهم المختار في فروعهم، كما بسطت الأقوال عن فروعهم في الأوجز والعجب من الإمام الترمذي كيف أجمل اختلاف الأئمة في ذلك.
(٢) هكذا في الأصل بضمير الغائب وللتأويل مساغ.
(٣) من التعييد قال المجد عيدوا شهدوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>