للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قوله كريب مصغرًا] هو مولى ابن عباس والفضل (١) أخوه.

[قوله بعثته] أي كريبًا.

[فقلت له ألا تكتفي برؤية معاوية إلخ] وإنما لم يكتف برؤية معاوية لما أن خبر رؤيته لم يثبت عنده إلا بإخبار كريب وحده والعدد لابد منه ههنا (٢) وأما رؤيته أهل بلد الشام فقد بينه كريب عند ابن عباس حكاية للواقعة لا شهادة على الشهادة لأنهم لم يشهدوا كريبًا على رؤيتهم فلم يعمل عليه ابن عباس لأنه لابد إلزام الصوم قضاء من عدد ولم يوجد وأما ابتداء فيثبت رمضان بخبر الواحد وكذلك شهادته كانت إذن للإفطار لأنهم كانوا أخذوا في الصوم ولا يكتفي في الإفطار بخبر الواحد، ولم يكن مدار قوله (لا) إن لكل بلد رؤيتهم كما فهمه صاحب الكتاب وكذلك قوله هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس نصًا فيما استدل الخصم عليه فكيف يتم الاستدلال بل الإشارة إلى أنه أمرنا أن لا نكتفي في الفطر بإخبار فرد وأن نكتفي بشهادة الفرد في الصوم، فهذا الذي قاله ابن عباس وأسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم لما لم يكن (٣) نصًا فيما ذهب إليه المؤلف من المرام لم نأخذ به


(١) ذكره لمناسبة أم الفضل يعني أن الفضل وابن عباس أخوان.
(٢) لأنه جاء إذ ذاك وقت العيد وهلال العيد لا يثبت بقول الواحد ابتداء بل بناء وتبعًا فكم من شيء يثبت ضمنًا ولا يثبت قصدًا وفي البذل عن الشوكاني يمكن أن يقال أن ابن عباس لم يقبل هذه الشهادة لأنه فات محلها فإذا قيل هذه الشهادة كأنه يقبل على الإفطار ولا يقبل شهادة الواحد على الفطر، انتهى.
(٣) قال الشوكاني: اعلم أن الحجة في المرفوع من رواية ابن عباس لا في اجتهاده الذي فهمه الناس والمشار إليه بقوله هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هو قوله لا نزال نصومه حتى نكمل ثلاثين والأمر الكائن من رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ما أخرجه الشيخان وغيرهما بلفظ لا تصوموا حتى تروا الهلال فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين وهذا لا يختص بأهل ناحية على جبهة الانفراد بل هو خطاب لكل من يصلح له من المسلمين فالاستدلال به على لزوم رؤية أهل بلد لغيرهم من أهل البلاد أظهر من الاستدلال به على عدم اللزوم لأنه إذا رآه أهل بلد فقد رآه المسلمون فيلزم غيرهم ما لزمهم ولو سلم توجه الإشارة في كلام ابن عباس إلى عدم لزوم رؤية أهل بلد لأهل بلد آخر فكان مقيدًا بدليل العقل باختلاف المطالع وعدم عمل ابن عباس برؤية أهل الشام مع عدم البعد الذي يكون معه الاختلاف عمل بالاجتهاد وليس بحجة ولو سلم صلاحية حديث كريب للتخصيص فينبغي أن يقتصر فيه على محل النص إن كان النص معلومًا أو على المفهوم منه إن لم يكن معلومًا لوروده على خلاف القياس ولم يأت ابن عباس رضي الله عنه بلفظ النبي صلى الله عليه وسلم ولا بمعنى لفظه حتى ننظر في عمومه وخصوصه إنما جاءنا بصيغة مجملة أشار بها إلى قصته هي عدم عمل أهل المدينة برؤية أهل الشام على تسليم أن ذلك المراد ولم نفهم منه زيادة على ذلك، حتى نجعله مخصصًا لذلك العموم فينبغي الاقتصار على المفهوم من ذلك الوارد على خلاف القياس، انتهى ما في البذل.

<<  <  ج: ص:  >  >>