للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتمرة ثم لم يأكل بعد ذلك شيئًا ولعله نهاهم عنه بكلا معنييه فقال بعضهم إنك يا رسول الله تفعل أحد قسميه (١) فقال إني لست كأحدكم يطعمني ربي ويسقيني أما حقيقة عن طعام الجنة وهو لا يضر لا بالصوم ولا بالوصال أو مجازًا والمراد التقوية كما تحصل بالطعام فمن كان (٢) منكم مثل ذلك فعل فلا اعتراض على من واصل من بعدهم وقد ثبت أنهم واصلوا معه بأمره وإن كان تبكيتًا لهم وتوبيخًا على ما أصروا وكان (٣) منعه لهم عنه لئلا يضعفوا فيفوت ما قصد منهم من الجهاد وانتظام أمور المملكة وأخذ الصدقات وغير ذلك لا لمعنى في ذات الوصال ولذلك نهاهم عن الرهبانية وغيرها من المشاق التي هي مخلة بالانتظام ونشر شرائع الإسلام مع أنه رغب الآخرين في الخلوة والوحدة فقال في رجل في غنيمة له ما قال (٤) وغير ذلك ويمكن أن يكون السؤال عن القسم الثاني فحسب فنهاهم عنه


(١) وهو القسم الثاني وصرح في تقرير مولانا رضي الحسن المرحوم أن الوصال بالقسم الأول لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم، انتهى، قلت: ويؤيد ذلك ما ورد من التأكيد في تعجيل الإفطار والوعيد في تأخيره لكنه يشكل عليه أن عامة نقلة المذاهب وشراح الحديث وأهل الفروع فسروا الوصال بترك الإفطار مطلقًا، فتأمل.
(٢) الكلام مختصر جدًا وتوضيحه من كان منكم مثل ذلك أي يحصل له التقوى بالصوم والعبادة كما يشاهد في بعض المشايخ فيجوز له أن يفعل ذلك وعلى هذا فلا اعتراض على من واصل بعد الصحابة من بعض المشايخ الصوفية.
(٣) وهذا علة لمنعه صلى الله عليه وسلم عن الوصال والرهبانية ونحوها.
(٤) فقد روى هذا المعنى في عدة روايات من أبواب الفتن والجهاد وغيرها منها ما روى عنه صلى الله عليه وسلم يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال الحديث لمالك والبخاري وأبي داود والنسائي وروى عنه صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بخير الناس منزلاً قلنا بلى يا رسول الله قال رجل أخذ برأس فرسه في سبيل الله أخبركم بالذي يليه، قلنا نعم قال رجل معتزل في شعب من الشعب يقيم الصلاة الحديث وغير ذلك كما في جمع الفوائد.

<<  <  ج: ص:  >  >>