الريح لئلا يترشش منه إليه وأن لا يكون الأرض صلبة وأن يكون في موضع الستر إلى غير ذلك.
[قوله قال إن عامة الوسواس منه] يعني بذلك أن الرجل إذا بال في المستحم فوقع عليه الماء وطارت رشاشة توهم تنجس العضو الذي وصل منه إليه شيء ثم إذا أمر الماء على هذا العضو توهم تنجس ممر الماء وهلم جرأ إلى أن يشتد الأمر على المصلي فقطع النبي صلى الله عليه وسلم أصل ذلك السبب حيث نهى عن المبال فيه، وأما في نفس الأمر فليس البول في المستحم مورثًا للوهم بنفسه بل يكون سببًا إليه لما ذكرنا فأما إذا أمر الماء بعد البول فإنه لا يبقى شيء ثمة سيما إذا كان الأرض مجصصة أو مشيدة وهذا الذي ذكرناه مراد بن سيرين رحمه الله تعالى بقوله ((ربنا الله لا شريك له)) فإنه قصد أن الموجد بنفسه والمؤثر الحقيقي هو الله تعالى ولكنه وضع أسبابًا ومناشي تنسب إليه الأشياء فإذا ارتفعت لم يبق للمسبب وجود بعدها فإذا انقطع أثر البول فيما نحن فيه عن المستحم لم يبق للوسواس وجود، وغرض ابن سيرين من هذا الإنكار على ما رأى من تشدد أهل زمانه على البول في المستحم وليس المعنى ما يتبادر من ظاهر العبارة حتى يلزم أنه رفض لما عليه السنة والجماعة وتمذهب بما ذهب إليه الجبرية.
[قوله لأمرتهم بالسواك] أمر إيجاب [ولأخرت العشاء] أي وقته إذ ذاك، وأما الآن فكلاهما ندب واستحباب والمراد بالصلاة ههنا هي الطهارة استظهارًا بسائر الروايات مع أن السواك يناسب الطهارة لا الصلاة فجعله من أجزائها أولى، والشافعية رحمهم الله تعالى جمعوا بين الروايتين يحمل كل منها على السنية والاستحباب وهو حسن في نفسه إلا أنه عمل بما فهم الراوي من الرواية وما فهموه منها وليس عملاً بشيء من مقتضيات الرواية ثم إن المؤلف إنما ذكر تصحيح رواية أبي هريرة موجهًا وترك توجيه تصحيح الثانية للاتفاق على صحتها (١) فلم يفتقر
(١) أو لما سيذكر عن البخاري إذ قال إن حديث أبي سلسة عن زيد بن خالد