للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم ثم قد نشأ من جميع ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على السائل سؤاله ولم يرض به ولم يكن لذلك الإنكار وجه في الظاهر فوجه الإنكار بقوله (١) إذ كان الله تعالى انزل عليهم من قبل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ} والفاء في قوله {فَأَنْزَلَ اللَّهُ} ليست لتعقيب النزول بالمسألة، لأن آية النهي عن المسألة كان نزولها قبل (٢) السؤال الوارد في الحج بل الفاء للعلية أي إنما أنكر ذلك لأن الله تبارك وتعالى كان قد أنزل النهي عن المسألة أو يقال فيه حذف والمعنى فقد كان أنزل الله قبل هذا نهيًا عن السؤال فكان إنكاره صلى الله عليه وسلم على سؤاله مطابقًا لأمره سبحانه وتعالى لا يقال يمكن أن يستنبط من سؤالهم هذا اقتضاء الأمر (٣) التكرار ولو


(١) ليس في الحديث لفظ إذ كان الله بل فيه فكان اله وعبره الشيخ بلفظة إذ إشارة إلى أن الفاء تعليلية كما سيصرح بها.
(٢) فإن صاحب الجمل ذكر نزول هذه السورة في منصرفه صلى الله عليه وسلم من الحديبية إلا قوله تعالى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} فقد نزل في حجة الوداع وإلا قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ} فقد نزل في غزوة الفتح ثم لا يذهب عليك أن الأقوال في سب نزول آية النهي عن السؤال مختلفة ذكر الحافظ في الفتح خمسة أقوال والجمع سهل ليس هذا محل تفاصيله سيأتي إجمالها في كتاب التفسير.
(٣) هذا من مسائل الأصول بسطها أصحاب الفن ففي نور الأنوار وحواشيه أن الأمر لا يقتضي باعتبار الوجوب التكرار، كما ذهب إليه قوم منهم أبو إسحاق الأسفرائي من أصحاب الشافعي ولا يحتمله كما ذهب إليه الشافعي واستدل الأولون بهذا الحديث لأن أقرع بن حابس من أهل اللسان، ففهم التكرار ثم لما علم فيه حرجًا عظيمًا أشكل عليه، والجواب عن الحنفية أن الأقرع عرف سائر العبادات تتعلق بالأسباب كالصلاة بالمواقيت والصوم بالشهر ورأى أن الحج يتعلق بالوقت أي اليوم حتى لا يصح قبله ويفوت بفوته وهو متكرر ويتعلق بالبيت وهو غير متكرر فاشتبه عليه الأمر فسأله وليس سؤاله بفهمه التكرار من الأمر كما قلتم، انتهى بزيادة

<<  <  ج: ص:  >  >>