للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني كانوا لا ينكحون ولا ينكحون وأما إن النكاح على تقدير وقوعه باطل (١) فلا يثبت منهم فليس النهي إلا تنزيهًا وهو الذي ذهبنا إليه والذي ذهب إليه الأئمة المذكورون ههنا من الشافعي رحمه الله ومالك وأحمد وإسحاق أن النكاح باطل فيرده صريح فعله صلى الله عليه وسلم وما روى من أنه صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال فهذا غلط أو مجاز بإرادة الوطى بالتزوج لأن المؤرخين والمحدثين كلهم (٢) متفقون على أنه نكحها بسرف ذاهبًا إلى مكة أفتراه ورد مكة ولم يحرم بعد فكيف يتصور ما قالوا من أنه تزوج وهو حلال بعد اتفاقهم على أنه نكحها بسرف وهو قاصد مكة وهو من لطائف هذا المقام أن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بسرف ثم بنى بها بسرف راجعًا عن مكة ثم ماتت بسرف في سفر آخر رضي الله عنها.

قوله [ويزيد بن الأصم هو ابن أخت ميمونة] فيه إشارة خفية إلى تأييد مذهبه يعني رواية هؤلاء ينبغي أن يعول عليها لكونها رواية من هو أقرب إليها، وكان ابن عباس أيضًا ابن أخت (٣) ميمونة فوجب ترجيح روايته لأنه شارك يزيد في كونه ابن أخت ميمونة وزاد عليه في النفقة (٤) وأيضًا أفنقبل روايتهم


(١) إلا أن مالكًا رضي الله عنه أخرج في موطأه أن طريقًا تزوج امرأة وهو محرم فرد عمر رضي الله عنه نكاحه.
(٢) أي أكثرهم وإلا ففيه خلاف لبعضهم كما بسط في تلخيص البذل وكتب التواريخ متظافرة على أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد بمكة البناء بها ودعا أهل مكة إلى الوليمة فلم يقبلوها.
(٣) فقد قال الحافظ في الإصابة ميمونة بنعت الحارث بن حزن أخت أم الفضل لباية ثم ذكر حديث يزيد بن الأصم قال تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حلال ثم قال وقد خالفه أين خالتها الأخرى عبد الله بن عباس فجزم بأنه تزوجها وهو محرم، انتهى.
(٤) ومع ذلك فحديثه مخرج عند الستة بخلاف حديث أبي رافع فإنه لم يخرجه البخاري ولا النسائي بل وما أخرجا حديثًا يؤيد التزوج حلالاً وحديث ابن عباس مؤيدة بروايات عديدة منها حديثًا أبي هريرة وعائشة رضي الله عنهم ومؤيد بالقياس لأنه عقد من العقود وغير ذلك من وجوه الترجيح له بسطت في تلخيص البذل.

<<  <  ج: ص:  >  >>