للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجمرات الثلاث تطلق على نفس الحصيات أيضًا وهو المراد ههنا، قوله [كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي الجمار إذا زالت الشمس (١)] أي في غير يوم النحر [وقال بعضهم يركب يوم النحر] هذا وإن كان جائزًا عندنا إلا أنه خلاف الأولى (٢) وأما ركوبه صلى الله عليه وسلم فإنما كان كركوبه في الطواف ليرى الناس مسافة بعد الرامي من الجمرات ومقدار الحصيات وأنه إلى أي جانب ينبغي له أن يقوم فلما بين ذلك في أول رمى رماه لم يركب فيما بعد ذلك.

قوله [واستقبل (٣) القبلة] هذا ينافي ما في بعض الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم


(١) وبذلك قال الجمهور وخالف فيه عطاء وطاؤس فقالا يجوز قبل الزوال مطلقًا قاله الحافظ في الفتح، وقال أبو الطيب فلا يجوز تقديم رمي على زواله إجماعًا على ما زعمه الماوردي لكن يرد عليه حكاية إمام الحرمين وغيره الجواز عن الأئمة، انتهى، قلت: ومن حكى الإجماع في ذلك لم يلتفت إلى خلاف فيه لشذوذه.
(٢) وهذا على إحدى الأقوال الثلاثة المذكورة في فروع الحنفية بناءً على أن في المشي كمال التضرع والأمن عن إيذاء الناس والقول الثاني أفضلية الركوب مطلقًا والثالث كل رمي بعده رمي فالأفضل فيه المشي وإلا فالركوب والقول الأول هو مختار الشيخ ورجحه أيضًا في رسالة ألفها في مناسك الحج المسماة بزبدة المناسك إذ قال والرمي ماشيًا أولى كما هو مختار ابن الهمام، انتهى.
(٣) قال أبو الطيب يعارضه ما في البخاري عنه جعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه وما في رواية مسلم واستقبل الجمرة ويرجحها أن ذلك أسهل ورواية الصحيحين مقدمة على غيرهما ويمكن أن يرجح رواية الكتاب أن استقبال القبلة حال أداء العبادة أولى واختار علماؤنا العمل بما في رواية الصحيحين لأن روايتهما أقوى، وقال النووي: يستحب أن يقف تحتها في بطن الوادي فيجعل مكة عن يساره ومنا عن يمينه ويستقبل العقبة والجمرة وهذا هو الصحيح من مذهبنا وبه قال جمهور العلماء، وقال بعض أصحابنا يستحب أن يقف مستقبل الجمرة مستدبرًا مكة، وقال بعض أصحابنا يستحب أن يستقبل الكعبة فيكون الجمرة عن يمينه وأجمعوا أنه من حيث رماها جاز سواء استقبلها أو جعلها عن يمينه أو يساره أو رماها من فوقها أو أسفلها أو وقف في وسطها ورماها، انتهى، وأعل الحافظ رواية الترمذي.

<<  <  ج: ص:  >  >>