للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا خلاف أن المالك لا يأكلها وكذا وكيله إذا بعث معه ولم يخرج بنفسه وإنما الخلاف في من سواهما من السيارة، والصحيح أنهم ممنوعون (١) عن كلهم ولعل الوجه في ذلك أنهم لو كانوا مجازين في أكلها لربما تسارعوا إلى ذبحها بأدنى سبب وهذا كله في هدى التطوع وهو المذكور ههنا وجاز له التصرف في الهدى الواجب بالهبة والبيع ويجب تعويضه وكذلك إذا عطب (٢)، قوله [قالوا إن أكل منه شيئًا غرم] مقدار ما أكل وهو المذهب (٣) عندنا أيضًا أنه يضمن هذا المقدار للفقراء، قوله [قال بعض أهل العلم إذا أكل من هدي التطوع شيئًا فقد ضمن] لعله يضمن على مذهب هؤلاء بأكل القليل (٤) من لحم الهدي كلها وإلا فلا يضح


(١) كما جزم بذلك القاري في شرح النقاية لكن الفقهاء قيدوا المنع بالأغنياء واختلاف الأئمة في ذلك وسيع بسطت في الأوجز.
(٢) قال ابن رشد: أما الهدي الواجب إذا عطب قبل محله فإن لصاحبه أن يأكل منه لأن عليه يدله ومنهم من أجاز له بيع لحمه وأن يستعين به في البدل وكره ذلك مالك، انتهى.
(٣) وبذلك قال الجمهور قال العيني: اختلفوا في هدي التطوع إذا عطب فقال الجمهور لا يأكل وهو قول مالك وأبي حنيفة والشافعي وغيرهم، ورخصت طائفة في الأكل منه روى ذلك عن عائشة وابن عمر، وقال ابن رشد في البداية أجمعوا أن هدي التطوع إذا بلغ محله أن يأكل منه صاحبه كسائر الناس، وأنه إذا عطب قبل أن يبلغ محله خلى بينه وبين الناس ولم يأكل منه، وزاد داود ولا يطعم منه شيئًا أهل رفقته واختلفوا فيما يجب على من أكل منه فقال مالك إن أكل منه وجب عليه بدله، وقال الشافعي وأبو حنيفة والثوري وأحمد عليه قيمة ما أكل، انتهى.
(٤) والظاهر أن غرض المصنف بهذا إشارة إلى مذهب مالك، والأول كان مذهب الجمهور وتقدم بيان مذهبهما قريبًا في كلام ابن رشد والفرق بينهما أن على مذهب الجمهور يضمن مقدار ما أكل وعلى مذهب مالك إقامة البدل فتأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>