للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به، والجواب عنه أن جابرًا مصرح بقوله كنا نلبي ولفظ كان ظاهر الاستمرار وإن لم يكن نصًا فيه فعلم أنه ذهب إليه واختاره، والحق أن معنى الحديث أن النسوة اللاتي لم يقدرن على التلبية لمرض (١) أو إغماء كنا نلبي عنهن ولا خلاف فيه لأحد (٢) والتقييد بالنساء لما أن ذلك غالب فيهن وأن الرجال كذلك في هذا الحكم فأتقن هذا واغتنم ولا تغفل، ومعنى قوله [كنا إذا حججنا معه صلى الله عليه وسلم] مع أنه لم يحج بعد الهجرة لا حجة أما أن يكون قوله هذا مبنيًا على أنه حين فعل ذلك في الحجة الواحدة، فالظاهر أنه لو حج ثانيًا لكان كذلك أو قاله باعتبار


(١) ففي شرح اللباب: من أغمى عليه أو نام وهو مريض فنوى ولبى عنه رفيقه أو غيره بأمره السابق على إغمائه ونومه صح، ثم اعلم أنه إذا أمر أصحابه ورفقاءه بذلك فلا خلاف فيه وأما إن لم يأمرهم بذلك نصًا فأهلوا عنه جاز ذلك أيضًا عند أبي حنيفة خلافًا لهما، انتهى، وما أوله الشيخ رحمه الله مبني على تسليم صحة الحديث وإلا فقد أخرج ابن ماجة في سننه برواية ابن أبي شيبة عن ابن نمير بهذا السند عن جابر قال حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا النساء والصبيان فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم، انتهى، وهكذا ذكر الحديث صاحب المنتقى، قال الشوكاني: حديث جابر أخرجه أيضًا ابن أبي شيبة ورواه الترمذي بلفظ آخر وقال ابن القطان لفظ ابن أبي شيبة أشبه بالصواب فإن المرأة لا يلبي عنها غيرها أجمع على ذلك أهل العلم، انتهى، وذكر السيوطي في التدريب هذا الحديث مثالاً للمنسوخ بدلالة الإجماع واستدل عليه بقول الترمذي أجمع أهل العلم إلخ.
(٢) أي من الحنفية: ففي الهداية لو أمر إنسانًا بأن يحرم عنه إذا أغمى عليه أو نام فأحرم المأمور عنه صح بالإجماع قال محشيه أراد إجماع أصحابنا فإن مالكًا والشافعي وأحمد لا يجوزونه وقال النووي لا يجوز عند أبي يوسف، ومحمد سواء أذن أو لم يأذن وهذا النقل غلط، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>