للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الاستحباب قوله [أوصيت] سأله ليعلم أنه هل أتى بما يستحب له أم لم يأت، وعدم إتيانه بذلك يتنوع نوعين أن لا يكون أتى بالإيصاء مطلقًا أو يكون أتى به لكن لا على الوجه المستحب بأن يكون فيه إتلاف حق.

قوله [هم أغنياء بخير] وكانت له ابنة غنية (١) ذات زوج غني ومع ذلك فلم يرخص له النبي صلى الله عليه وسلم أن يربي على الثلث، وفيه دلالة على ما للورثة من عظيم الحق في مال المورث وأنه لا ينظر في ذلك إلى غناء الوارث أو فقره ومعنى قول سفيان من أوصى بالثلث فلم يترك شيئًا أن المورث لما لم يكن له وقت الموت تصرف على ما زاد على الثلث لتعلق حق الورثة بالباقي كانت المنة منه على الورثة أن لو ترك شيئًا من حقه لهم فأما إن استوفى الثلث في الوصية علم أن إحجامه عن الباقي ليس لامتناعه عنه قصدًا إبقاء على الورثة بل لعدم الاختيار، وقوله لا يجوز له إلخ، علة لقوله فلم يترك شيئًا.

قوله [فما زلت أناقصه] أي أبين له أن فيما عينته يا رسول الله نقصًا لي أي لم أزل أذكر له أن الذي أمرت به قليل أو المعنى فما رلت أناقصه عما قلت أولاً من مالي كله أي لم أزل أذكر له أقل من الذي كنت ذكرته أولاً يعني تركت أولاً من كل المال قليلاً وقليلاً حتى آل الأمر إلى الثلث فافهم حتى يتضح لك الفرق بين الوجهين.

قوله [ويستحبون أن ينقص من الثلث] لقوله صلى الله عليه وسلم والثلث كبير وليكون له منة على أولاده كما أن له فضلاً على الفقراء في الإيصاء لهم، قوله [بخمس دون الربع] بيان ليتضح حال الثلث ولا يشتبه فقال الخمس الذي هو دون الربع والربع الذي هو دون الثلث أو أراد بذلك أن مراتب الاستحباب متفاوتة فالربع استحبابه دون استحباب الخمس، وعلى هذا فالربع والخمس كلاهما مستحب غير أن الخمس


(١) لما ثبت أنه لم يكن له من الأولاد إذ ذاك إلا بنت واحدة وورثته الأخر عصبة، فقوله هم أغنياء باعتبار الورثة، قاله أبو الطيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>