للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكره للتقدم بالوجود ولعل الوجه في تقديم ذكره الاكتفاء بالإقبال في المسح فناسب تأكده.

ثم المراد بقوله [ذهب بعض أهل الكوفة] إن كان الحنفية فمعنى العبارة أنهم ذهبوا إلى جواز الوضوء بذلك وقالوا بسقوط الواجب به لا أنه سند عندهم وإن كانوا قومًا آخرين فلا علم (١) لنا بهم [بدأ بمؤخر رأسه (٢)] إنما فعل ذلك والله تعالى أعلم لئلا يذهب بدوام ابتدائه بالمقدم إلى حرمة خلافه أو عدم الأجزاء به في باب الطهارة فأظهر بهذا القلب إنما المقصود هو الإتيان بالمسح كيف كان ولا يبعد أن يستنبط منه أن الترتيب في غسل الأعضاء لا يشترط فإن الوضوء هو مجموع تلك الأركان، فلما لم يجب إتيان كل ركن حسب ما ثبت دوامه عليه من الكيفية لم يجب في كل الأركان إتيانها كذلك مع أن المسح في ذاته لزم أن يكون على تقدير وجوب الترتيب مرتبًا بعضه على بعض ويجب أن يكون مسح مقدمه مقدمًا على مسح مؤخره فإذا عكس فيه علم أنه لا ترتيب، نعم يكون الترتيب سنة لدوام عمل النبي صلى الله عليه وسلم.

[قوله مرة واحدة] إما أن يقال في بيان معناه إن الإقبال والأدبار كله مسح واحد وعلى هذا فمؤدي الروايتين واحد أو يحمل على اختلاف الأحوال


(١) قال ابن العربي: لا أعلم أحدًا قال إنه بدأ بمؤخر الرأس إلا وكيع بن الجراح كما ذكره أبو عيسى والصحيح البداية بالمقدم وهي رواية الحفاظ كلهم، انتهى، قلت: وحكى العيني عن الحسن بن صالح أنه قال يبدأ بمؤخر الرأس، وحكى صاحب السعاية عن الحسن البصري، السنة البداية من الهامة يضع يده عليها ويمر بها إلى مقدم الرأس ثم يعيدها إلى القفا، انتهى، فهذا قول ثالث.
(٢) قال ابن العربي لعله من تفسير الراوي لقول الآخر فأدبر بهما فحمله على البداية بالمؤخر فذكره بذلك اللفظ، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>