للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن لم يبق ذمته في أمور الدنيا فذمته في أحكام الآخرة باقية فيضم إليها وذلك لأن فراغ الذمة إما بالأداء من المديون أو بالإبراء من الداين ولم يوجد شيء منهما وهذا الحديث سند (١) لهما، وقال الإمام إنما كان ذلك عدة من أبي قتادة حتى سأله النبي صلى الله عليه وسلم بالوفاء ولو لم يكن عدة بل كان كفالة لما احتيج إلى هذا السؤال فإن الكفالة لا يكون إلا للأداء والوفاء ومعنى قوله بالوفاء إن لفظ «على» كان يحتمل معنيين أن يؤدي أبو قتادة دينه من عند نفسه أو أن يستحث (٢) الناس عليه حتى يلتزموا فكان المعنى على دينه إن أسعى له والسعي منى والإتمام من الله، وعلى هذا لو لم يؤته الناس شيئًا لم يكن أبو قتادة إلا أنجز ما وعده فسأله النبي صلى الله عليه وسلم ليعين ماذا أراد فلما بين أنه أراد الأداء من عند نفسه صلى عليه.

قوله [أنا أولى (٣) بالمؤمنين من أنفسهم] والمعنى التفضيل ظاهر فإن الميت لم يخلص نفسه من دينه حتى أسر فيه وأخلصه النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك في غيره من الأمور الدينية والدنيوية فإنه أولى بنا منا في إصلاحنا وتسديدنا وهذا إذا كان الأنفس على حقيقته


(١) قال أبو الطيب: وبقولهما قال مالك والشافعي وأحمد فالحديث حجة للجمهور انتهى قلت وأنت خبير أن احتمال العدة كما تأوله الإمام باق نعم لو أنكره المتكفل وأخذ منه النبي صلى الله عليه وسلم جبرًا لتكفله بذاك كان حجة لهم وإذ لا فلا قال القاري والحديث يحتمل أو يكون إقرارًا بكفالة سابقه فإن لفظ الإقرار والإنشاء في الكفالة سواء.
(٢) قال المجد حثه عليه واستحثه واحثه واحتثه وحثثه وحثحثه حضه فاحتث لازم ومتعد.
(٣) قال أبو الطيب: أشار إلى قوله تعالى {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} الآية انتهى، وهذا مخالف لما سيأتي في كلام الشيخ فتأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>